أنت تفكر، أنت تقرر، أنت تختار، هذا هو الشعار الذي أطلت به علينا "الحرة" بوق الإدارة الأميركية الجديد. فلتحسين صورتها أمام المواطن العربي أطلقت الإدارة الأميركية هذه القناة الجديدة، تحت شعار نشر القيم الديمقراطية في العالم العربي، واستهلت بثها بلقاء سيد البيت الأبيض الذي صرح فيها بأنه لن يسمح بقيام جمهورية إسلامية في العراق، متناسياً أبسط مبادئ الديمقراطية التي يتشدق بها باحترام قرار الشعب العراقي إذا هو أراد ذلك.
لكن يبدو أن هدف هذه القناة ليس تعليم الديمقراطية وتبسيطها وشرحها للعرب البسطاء المغلوبين على أمرهم، فمنذ البداية أخلت بهذا المبدأ، لكن يبدو أن هدفها لا يخرج من كونه حرباً جديدة على الإرهاب، ولكن ليس على الإرهاب السياسي بل على الإرهاب الفكري والثقافي. فثقافتنا من وجهة النظر الغربية تمثل تحدياً حضارياً كبيراً للحضارة الغربية، فهي ثقافة قائمة على خليط من البربرية والهمجية والتخلف الذي يهدد وسيهدم أسس العالم الحر القائم على الديمقراطية والحرية والتعددية السياسية. وللقضاء على هذه البربرية والهمجية فليس هناك من سبيل إلا بغسل الأدمغة، ولكن أدمغة من؟ فهي ليست بالتأكيد الأدمغة المثقفة أو المتعلمة بل أدمغة الأميين من العرب، فعالمنا العربي والحمد لله ما زال يحتفظ بنسبة عالية من الأمية تصل إلى حوالى 70%، ومن هنا تكمن خطورة الوضع من ناحية نشر القيم الغربية وحشرها في دماغ المشاهد، ومن تجميل صورة السياسة الأميركية وتصويرها كمدافع عن القضايا العربية والمهتمة بشؤون المواطن العربي وبحقوقه المهضومة، ودفع الشباب للجري وراء الحلم الأميركي والهرولة والترحيب بعصر العولمة أو "الأمركة".
إنها حرب حضارية قذرة تشنّ علينا، بدأت باحتلال العراق مروراً بالدعوة لتغيير مناهجنا نهاية بغسيل أدمغتنا.
إياد نعيم رضوان - أبوظبي