عندما بدأت السوق الأوروبية المشتركة بعدد محدود من الدول الأوروبية، من كان يتصور أنها ستصبح يوماً ما كياناً قوياً مسموع الجانب في التجارة والاقتصاد والسياسة، ببرلمان موحد يوحّد كلمتها وموقفها تحت مسمى الاتحاد الأوروبي. هذا الاتحاد يجمع الآن خمس عشرة دولة ستصبح بعد ستة أشهر قليلة خمساً وعشرين دولة ذات قوة اقتصادية تنافس أميركا، وبالنسبة لعملتها أصبحت الأقوى على الإطلاق وأصبح اليورو منافساً للدولار الأميركي يُحسب له ألف حساب.
وبعد أن سجل الاتحاد الأوروبي نجاحات عدة، ظهرت تكتلات اقتصادية جديدة في الشرق والغرب، فأميركا أنشأت منطقة تجارة حرة مع كل من كندا والمكسيك تحت اسم "نافتا" وهناك في جنوب وجنوب شرق آسيا تكتلات من أبرزها "الآسيان" فضلاً عن تجمع "أيبك". وفي أميركا اللاتينية هناك مناطق تجارة حرة بين دول القارة مع بعضها بعضاً وبين دول القارة والولايات المتحدة.
إن التكتلات الاقتصادية خطوة أولى مهمة على طريق التكتل السياسي وهو ما حدث في أوروبا حيث استطاعت بعد ما يزيد على خمسة عقود من التكامل الاقتصادي المضي قدماً نحو التكامل السياسي.
أما بخصوص واقعنا العربي، فإني أقول للذين يتشككون في إمكانية إنشاء سوق عربية مشتركة: انظروا حولكم كي تشاهدوا التجارب الناجحة. لماذا لا نستضيء ونستفيد من تجارب الآخرين وقوانينهم وتشريعاتهم في تدشين سوق عربية مشتركة؟ الأهم من كل ذلك أن تكون لدينا إرادة قوية ومخلصة في الالتزام بالبنود والقوانين والاتفاقيات التي يتعين الالتزام بها عند تفعيل السوق العربية المشتركة، حتى يكون هذا السوق أداة لصهر الجهود العربية وورقة قوية في مواجهة التكتلات العالمية.
منصف أبوبكر - أبوظبي