لا شك أن الحملة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان حققت نجاحات تتمثل في الإطاحة بحكم "طالبان" في أول معركة تخوضها واشنطن ضمن حربها على الإرهاب. بيد أنه بعد 28 شهراً من هذه الحملة العسكرية الضارية، لم تنجح الإدارة الأميركية في إحلال الأمن في أفغانستان ولم تفلح في استئصال حركة "طالبان" نهائياً، ذلك أن مؤيدي الحركة يعاودون لملمة صفوفهم ويشنون بين الفينة والأخرى هجمات ضد القوات الأميركية المتمركزة في هذا البلد الذي عصفت به الحروب إضافة إلى استمرار أمراء الحرب في لعب دور مؤثر داخل الشارع الأفغاني. ومن الواضح أن الولايات المتحدة انهمكت في حربها ضد العراق على حساب عملية إعادة بناء الدولة في أفغانستان، وخصوصاً أن كل الدلالات تشير إلى أن واشنطن قد غرقت حتى أذنيها في عراق ما بعد صدام. وفي ظل اضطراب الأوضاع الأمنية وضعف الحكومة المركزية التي يترأسها حامد قرضاي والتي لا تسيطر إلا على مساحات محدودة في محيط العاصمة كابول يكون من الصعب سواء على الأمم المتحدة أو إدارة الرئيس بوش إجراء انتخابات ناجحة خلال الشهور المقبلة سيما وأن الساحة الأفغانية تموج باضطرابات عرقية قد تحول دون تفعيل الديمقراطية في أفغانستان. الغريب أن مبعوث الأمم المتحدة في أفغانستان حذّر قبل خروجه من أفغانستان متوجهاً لمحطته التالية في العراق من أن الوضع في أفغانستان مرشح لمزيد من التفاقم محذراً بخروج بعثة المنظمة الدولية التي باتت تفتقر إلى الأمن في أفغانستان. فأي مصير ينتظر هذا البلد؟ أعتقد أن الإجابة بيد واشنطن المنهمكة في العراق وبيد أمراء الحرب الذين يتاجرون بقضية بلادهم.
محمد مصطفى-أبوظبي