استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 16 فبراير 2004 الملتقى العربي الثاني "دور المرأة التنموي في الخليج العربي، الواقع والطموح"، والذي نظمه الاتحاد النسائي العام بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية ومركز غنتوت للاستشارات والدراسات الإدارية. وقد أكدت قرينة صاحب السمو رئيس الدولة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام على أن المرأة في الإمارات قد أثبتت بالفعل جدارتها وقدرتها وطموحاتها للتفاعل مع المتغيرات التقنية والاقتصادية والسياسية والإدارية والاجتماعية والثقافية الحديثة والاستفادة منها في التنمية الاقتصادية. ولقد كفل دستور الإمارات ومن ثم قوانينها ونظمها للمرأة كافة حقوقها، حيث تساهم المرأة في التنمية الاقتصادية مساهمة ديناميكية فاعلة وبناءة. فما هو إذن مفهوم التنمية الاقتصادية؟ وأين يقع بالضبط دور المرأة في هذه التنمية؟
يمكن تعريف التنمية الاقتصادية بأنها عملية تفاعل ديناميكي مستمر يتم فيها التفاعل الإرادي بين الإنسان (أي الموارد البشرية) من ناحية والبيئة المحيطة به بكل ما تحتويه من موارد طبيعية حرة وموارد اقتصادية من ناحية أخرى، بهدف بناء الإنسان ذاته والرقي به، ونقل المجتمع إلى مستويات حضارية أفضل، وتحسين المستوى المعيشي للإنسان، وتنمية الاقتصاد وتحسين إمكانياته بحيث يكون قادراً على إشباع الحاجات البشرية المتنامية والمتنوعة والمتجددة. ويتطلب ذلك حشد كافة الموارد الحرة والموارد الاقتصادية المتاحة لدى المجتمع وشحذ همم الأفراد والجماعات وتدعيم عزائمهم وإراداتهم مادياً ومعنوياً من أجل استغلال تلك الموارد أفضل استغلال وتنميتها وزيادة إمكانيات المجتمع وإمكانيات الموارد ذاتها أيضاً. إن مفهوم التنمية الاقتصادية إذن أعم وأشمل من مفهوم النمو الاقتصادي، الذي يقتصر مفهومه على نمو الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد. فالتنمية الاقتصادية الناجحة تعني إذن التنمية الشاملة والمتوازنة والمتناسقة والمتجانسة والمنسجمة والمتآلفة لكافة القطاعات الاقتصادية وكافة أقاليم المجتمع الواحد وكافة فئاته السكانية (آخذة في الاعتبار الفئات العمرية والجنس والنوع والحاجات الخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة وتفاوت المستويات الثقافية والعادات والتقاليد والقيم وكافة الموروثات الدينية والاجتماعية). فهي إذن تنمية اقتصادية شاملة وعامة، أي أنها لابد وأن تكون ذات أبعاد استراتيجية وأمنية وسياسية وإدارية واجتماعية وثقافية وتربوية ودينية وحضارية عامة وشاملة تستهدف نمو مستوى رفاه الفرد وتحقيق ذاته الحضارية الفردية والاجتماعية في إطار المجتمع.
وللتنمية الاقتصادية مقومات ودعائم وأركان أساسية نبرزها في النقاط الآتية:
1) الموارد البشرية أو رأس المال البشري (أي الإنسان ذاته). وبالطبع يشمل هذا العنصر الذكر والأنثى معاً، حيث يلعب كلاهما دوراً مميزاً في عملية التنمية الاقتصادية. فالإنسان هو محور التنمية الاقتصادية، من حيث كونه عنصراً من عناصر الإنتاج ومورداً مهماً من الموارد الاقتصادية التي لا يمكن أن يقوم الإنتاج ويستمر بدونها، فهو إذن يساهم في خلق العرض الكلي من السلع والخدمات من ناحية، ومن حيث كون التنمية الاقتصادية تقوم وتستمر مستهدفةً نمو الإنسان وتحضره ورفاهيته وسعادته، أي أنه هو وحده الذي يخلق الطلب الكلي النهائي على السلع والخدمات. وإذا كان هذا هو دور الإنسان في التنمية الاقتصادية فمن الممكن جداً تمييز دور المرأة في التنمية الاقتصادية. فالمرأة سواءً أكانت تخدم في بيتها وتربي أبناءها، أم كانت موظفةً عاملةً، أو كانت سيدة أعمال فهي بلا شك تساهم في التنمية الاقتصادية.
فالأم هي التي تربي لنا الأجيال وتنشئ لنا النشء الذي هو مستقبل الأمم والشعوب ومستقبل الحضارات. فدورها هنا دور مكمل لدور المؤسسات التربوية والتعليمية إن لم يكن أهمها على الإطلاق. ومن هذا المنطلق فإن هذا الدور لا يمكن إغفاله عند الحديث عن دور المرأة في التنمية الاقتصادية حتى وإن كان من الناحية الحسابية يصعب حسابه وتقديره ومن ثم يصعب قياسه رقمياً في حسابات الدخل القومي. إنه دور فعلي ملموس يدركه كل إنسان في كل عصر ومصر. أما دور المرأة كموظفة عاملة وكسيدة أعمال فهو دور بارز وواضح في التنمية الاقتصادية. ولقد عملت كافة دول الخليج العربية على احترام ذلك الدور وتقديره وإعطائه مكانته التي يستحقها. كما عملت دول الخليج على ضمان دور المرأة وأخذه في الاعتبار عند صياغة القوانين والقواعد والنظم الاقتصادية والمالية والاستثمارية. وها هي المرأة الخليجية اليوم تأخذ مكانةً رفيعةً في عالم الاقتصاد والأعمال وتساهم في التنمية الاقتصادية مساهمةً فاعلةً ومؤثرة.
2) الموارد الاقتصادية الأخرى (أي الأرض وما تحتويه من خامات معدنية وأشجار وغابات ومياه وغازات وثروات وكائنات حية. والسلع الوسيطة غير تامة الصنع).
3) رأس المال (النقدي والعيني والمادي والمعنوي).
4) التكنولوجيا (الجامد