عقد أهل الحل والعقد في إسرائيل مؤتمرهم الرابع في هرتزليا. وهي مستعمرة تقع في شمالي تل أبيب وحملت اسم ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية. وقد أنشئت هذه المستعمرة في عام 1924. وغدت مركز الثقافة في إسرائيل وهي هوليودها في الوقت نفسه. وهذا هو المؤتمر الرابع إذ يعقد أهل الحل والعقد في إسرائيل مؤتمرهم سنوياً بدءاً من عام 2000 ويحضره كبار أهل السياسة والشخصيات المؤثرة في صنع القرار وإعطاء إسرائيل طابع وشكل الدولة. وهو مؤتمر مغلق بحيث يدعى إليه 300 شخصية إسرائيلية من بينهم رئيس الوزراء الحالي ورؤساء الوزراء السابقون جميعاً ورؤساء الأحزاب وأبرز الوزراء وكبار قادة الأمن والاستخبارات العاملين والسابقين والاحتياطيين ورئيس الأركان العامة ورؤساء الشعب والهيئات ورؤساء أجهزة المخابرات العامة (الشاباك) والموساد و(أمان) وقادة القوات المسلحة الثلاثة وقادة الأسلحة وكبار الاقتصاديين وأصحاب الشركات الكبرى ورؤساء الجامعات ونخبة من الأكاديميين المختصين بالدراسات والبحوث.
يختص المؤتمر، الذي يعقد عادة في الشهر الأخير من كل عام ليكون خاتمة العام، بفحص مناعة إسرائيل وقدرتها على المقاومة، دولة وجيشاً وشرطة ومؤسسات وشركات ومجتمعاً وجامعات. لذلك يحرص أهل الحل والعقد في إسرائيل على حضور هذا المؤتمر والإدلاء بتصوراتهم ورؤاهم ورسم خطوط مشروعاتهم المستقبلية. وهكذا كان خطاب أرئيل شارون فتحدث عن الفصل والجدار الأمني حينما رسم خطوط مشروعه لعزل مشروع الدولة الفلسطينية والاعتداء على أراضيها وسرقتها بما يتجاوز حدود 5/6/1967.
ينظر المؤتمر إلى نفسه على أنه فوق الأحزاب وتشابكاتها السياسية والايديولوجية. ويحرص على أن تسود مداولاته لغة الرصانة والجد والارتفاع فوق مستوى الأحزاب والتشكيلات السياسية والكنيستية. وتعتبر توصياته العامل الأول في رسم وتحديد مسارات متعددة للدولة والمجتمع في العام التالي. ولهذا فإن أهميته تتأتى بما يطرح فيه من مشروعات وتفصيلات تنبعث من مداولات ومحاضرات أهل الحل والعقد. ونظراً إلى تقويم المؤتمر نفسه فقد نظر إليه على أنه يتجاوز الكنيست والأحزاب لأن الموضوعات المدرجة على جدول أعماله والملفات التي تم إعدادها بعناية تشكل الإطار المحدد لمسيرته. وقد كان الموضوع الرئيس في المؤتمر الأخير انقضاء أكثر من ثلاث سنوات على انتفاضة الشعب الفلسطيني التي أوقعت حتى الآن أكثر من 900 قتيل و 6 آلاف جريح في صفوف الإسرائيليين. وإن هذه الأرقام تعادل – حسب تقدير رئيس المخابرات الإسرائيلية الشاباك – 9000 قتيل و 60 ألف جريح من سكان فرنسا أو انجلترا و 36 ألف قتيل وربع مليون جريح إذا ما حدثت في الولايات المتحدة. وقال رئيس الشاباك إن عمليات الانتحاريين تخلق لدولة إسرائيل تهديداً استراتيجياً . ونادى بالجدار الأمني (سترة واقية) توفر الأمن والحياة لكل إسرائيلي. أما إيهود أولمرت نائب رئيس الوزراء فقد نادى بأنه لا يريد أن ينتظر: "فليس لدينا الوقت الكافي لانتظار اتفاق دائم... لا يمكن العيش في الوهم بأن الزمن لا نهاية له".
وكان شمعون بيريز رئيس حزب العمل تحدث بأنه لا يؤمن بحل من طرف واحد، وبأنه ليس لدى الإسرائيليين زمن ليضيعوه. أما بنيامين نتنياهو فقد ركز على الديموغرافيا الفلسطينية داخل إسرائيل نفسها، في حين انهمك شارون في شرح خطته (لفك الارتباط مع الفلسطينيين من طرف واحد)، وادعى أن خطته (ترمي إلى منح الحد الأقصى من الأفق وإلى خلق الحد الأدنى من الاحتكاك بين إسرائيل والفلسطينيين). لهذا راح جداره يتوغل إلى عمق يراوح بين 15 و 20 كلم داخل الضفة الغربية، ويفصل أكثر من 26 ألف فلسطيني في 21 قرية فلسطينية عن أراضيهم وهي من أخصب الأراضي الزراعية، ويجعل زراعتهم تحت رحمة الإسرائيليين عبر بوابات يفتحونها ويغلقونها بمزاجهم وحسب خططهم الاحتلالية العملياتية.
خلص المؤتمر إلى نتيجة مؤداها أن المناعة في إسرائيل لم تعد على ما كانت عليه، وأن الثقة في مؤسسات الدولة قد هبطت، وأن هناك خوفاً متزايداً من عمليات "الإرهاب" في مقابل الانخفاض في مستوى الوطنية.