من الواضح أن الأمم المتحدة بدأت تنهمك في الشأن العراقي، والمتابع لجولات الأخضر الإبراهيمي يلحظ أن الرجل بات مهموماً بمسألة نقل السلطة إلى العراقيين، وحتى الحاكم المدني الأعلى في العراق بول بريمر أكد يوم أول من أمس على أنه عازم على نقل السلطة إلى العراقيين في الموعد المحدد وهو نهاية شهر يونيو المقبل. ومن الواضح أيضاً أن واشنطن اعترفت أنها لم تخطط جيداً لعراق ما بعد صدام وإلا لما تعثرت ووقفت عاجزة أمام الاضطراب الأمني والسياسي المرشحين للتفاقم في بلاد الرافدين. وضمن هذا الإطار ارتكبت الإدارة الأميركية خطأ فادحاً عندما سرحت قوات الجيش والشرطة في العراق ظنا منها بأن بقاء هذين الجهازين سيعرقل إعادة الإعمار ويقف حجر عثرة أمام العراق الجديد، بيد أن الهجمات شبه اليومية التي تتعرض لها القوات الأميركية وكذا مراكز الشرطة العراقية تؤكد على أن تسريح الجيش والشرطة ساهم في تفاقم الأزمة الأمنية بدلاً من أن يكون أداة لحلها حسب المنطق الأميركي. وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الحالة الأمنية، تموج الساحة العراقية بجدل واسع حول موعد وطريقة عقد الانتخابات التي تسبق تشكيل الحكومة الانتقالية، فالعراقيون منقسمون ما بين مؤيد لانتخابات مباشرة وهو ما دعا إليه المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني وبين عقد انتخابات غير مباشرة عن طريق مجالس المحافظات لانتخاب هيئة أو لجنة تكون مكلفة باختيار الحكومة الانتقالية، وتلك الرؤية يتبناها بول بريمر ومعه مجلس الحكم الانتقالي. خلاصة القول إن العراق لا يزال أمامه كثير من الوقت كي يتعافى أمنيا وسياسياً وعلى العراقيين أنفسهم أن يساهموا في سرعة انتقال بلدهم من الورطة التي يعيشها إلى رخاء اقتصادي واستقرار سياسي وأمني.
أحمد عادل -القاهرة