لا شك أن موافقة البرلمان الفرنسي على قانون حظر ارتداء الرموز الدينية في المدارس ستغير كثيراً من الصورة التي عهدها العالم عن فرنسا كبلد يتمتع بحرية واسعة وتعددية ثقافية حقيقية مقارنة ببلدان غربية أخرى. ويبدو أن باريس تحاول تطبيق نظام علماني متشدد يتعامل مع الرموز الدينية كأنها خطر يهدد استقرارها ويعصف بليبراليتها. ربما تحاول فرنسا درء خطر الطائفية عن مجتمعها وربما تحاول أن تحافظ على المظهر العلماني للدولة، لكن فرض قانون يمنع ارتداء الرموز الدينية لن يحقق لفرنسا ما ترنو إليه، فربما تكون للقانون آثار سلبية منها: تأجيج النعرات الطائفية داخل المجتمع الفرنسي، ذلك المجتمع المكتظ بالمهاجرين من شتى بقاع الأرض. وبالإضافة إلى ذلك لفتت مناقشة القانون الانتباه إلى حساسية المشرعين الفرنسيين وقلقهم تجاه الأقليات وهو ما سيفتح الباب أمام موجة من الجدل وردود الأفعال كانت فرنسا في غنى عنها. القانون الفرنسي طرح تساؤلات عدة منها: هل تحاول باريس فرض العلمانية بالقوة على كافة الأقليات التي من المفترض أن تسعى الحكومة لفرنسية إلى إدماجها واستيعابها في بوتقة فرنسية واحدة؟ وهل تخشى فرنسا على علمانيتها من الوجود الإسلامي؟ وهل هاجس الإرهاب هو الذي دفع الحكومة الفرنسية للإقدام على طرح القانون كمقدمة لقوانين أخرى أشد اجحافاً بحقوق الأقليات؟ وإذا كانت الإجابة على هذه التساؤلات نعم، فإن فرنسا لم تعد نموذجاً للحرية والديمراطية.
خالد محمد - أبوظبي