ورود الحب تطرق أبوابنا وتحمل معها نسمات الحياة والأمل وتذكرنا بأن للحب قوة ساحرة في حياتنا. الإنسان بطبيعته تواق للحب ويتسلح بالحب لمواجهة وتيرة الحياة السريعة التي ضاعفت همومنا وجعلتنا فريسة للخوف والقلق والتوتر، ولولا مشاعر الحب لجفت الدماء التي تجري في عروقنا.
في يوم الحب الورود تطرق أبوابنا، وتأتي بالحب معها وتشحننا بطاقة جديدة، تجعلنا نرى الحياة بألوان الربيع. الحب يعني لنا الكثير في الحياة ومعاني الحب كثيرة وكل منا يبحث عن الحب بطريقته. للحب قوة ساحرة في تجديد الحياة وإعادة الحركة إلى أعضائنا المنهكة، والحب يزيل تجاعيد الزمن، ويبعد عن الحزن، ويعيد لنا البسمة. مشاعل الحياة تتلون بألوان الورود، فالألوان لها معان جميلة في حياتنا ونحن كبشر نبحث عن الجمال، فالله أوصى بحب الجمال.
في بلادي يمنعوننا من الفرح والبسمة، فالبسمة تهدد مقومات الأمة، وتراثها بل وهويتها، ويقولون لنا الاحتفال بأعياد غير المسلمين بدعة، والبحث عن الحب أصبح بدعه، هم يريدوننا أن نودع الحياة ونجهز أكفاننا وننام بقربها، ونجعل من الموت يلاحقنا ويقتل فينا روح الحياة.
شمروا عن سواعدهم لملاحقة المحتفلين بيوم الحب، وأصبح من يحمل وردة حمراء أو بطاقة مزينة بالورود، مهددا بالجلد والقذف بالحجارة، فورود الحب أصبحت جزءاً من أسلحة الدمار الشامل، ولعلهم أنجزوا كل شيء، وقدموا لنا منتجات حضارية كبيرة أصبحت تتنافس مع منتجات الغرب. وبعد أن استراحوا ووجدوا الحلول لمشكلات الحياة، تذكروا الإنسان البسيط المهمش، وفتشوا في الدفاتر القديمة ووجدوا بأن يوم الحب هو التحدي الكبير الذي يواجه أمة الإسلام، فالورود في لغتهم تحمل معها أسلحة الدمار الفتاكة، فنصبوا صواريخهم ومدافعهم في الأحياء لضرب مشاعر الحب الفتاكة.
في يوم 14 فبراير يحتفل كثير من شعوب الأرض، بيوم الحب كما يحتفل العالم بعيد الأم والأب والأسرة، فالأعياد ومناسبات جميلة تعيد للإنسان الحياة. يقولون لنا علينا أن نحتفل بأعيادنا على طريقتهم الخاصة، فحتى أعيادنا حولوها إلى تذكير بالموت، وغرسوا بنا الخوف من الحياة وأشعلوا الفتنة بالأرض بمعاداتهم لمعتقدات الآخرين.
هم انتقائيون، فالاحتفال بيوم الحب حرام، أما الاستمتاع بمنتجات الغرب فلا بأس به، فالله سخر لنا غير المسلمين لخدمتنا، فاستسلمنا للراحة وابتعدنا عن الجهد والشقاء، فنحن الأمة المختارة وما عدانا أمم لا قيمة لها.
تخيلوا معي لو صار الحال على ما هو عليه وسلمنا أمرنا لهؤلاء الحاقدين على الحياة، فكيف يكون طعم الحياة بلا فرحة وبسمة، فالحياة تتحول إلى شوق يتكسر فوق بعضه بعضاً كالعيدان اليابسة .
البكاء على الإطلال لن يعيد لنا الحياة والأمجاد، فـ 14 فبراير يحمل معه قوة ساحرة يطرق الأبواب في عصر العولمة حتى وإن قمنا ببناء السواتر الحديدية، فالزمن ليس بزماننا، ومن أراد أن يعيد للأمة حياتها عليه، أن يبحث في الدفاتر الجديدة ، فهزائمنا ونكساتنا لم تأتِ من عيد الحب!
المرء فينا يشعر بالمرارة على ما وصلت إليه حال الأمة، فهذه مراكز الإفتاء تنشط وتصدر لنا فتاوى بتحريم الاحتفال بأعياد غير المسلمين، ويغيب عنها دورها المسؤول في التفكير في إصدار فتاوى تقتل الجمود وتحرك في الإنسان روح العمل. مراكز الإفتاء في عالمنا الإسلامي بحاجة إلى هزة أرضية تعيد لها العقل ولعل من يرعاها يدرك أن الأخطاء تتراكم وبؤر التوتر تزداد احتقانا.