شنت الولايات المتحدة حرباً استباقية ضد العراق بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وبنت لندن وواشنطن سبب الحرب على مزاعم وتقارير هلامية فضفاضة ضخمت قدرات العراق العسكرية حتى يحشد بوش الشارع الأميركي لتأييد قراره باحتلال العراق. على النقيض تماماً لم تلوح إدارة بوش بضربة استباقية ضد كوريا الشمالية البلد الشيوعي "المارق" الذي يمتلك بالفعل أسلحة دمار شامل، ما يعني أن "بيونج يانج" التي لا تمتلك نفطاً والتي يعاني شعبها من المجاعة لم تغرِ حتى الآن مسؤولي "البنتاجون" كي يشنوا عملاً عسكرياً استباقياً لتأديب هذا البلد المشاكس لأن الإقدام على هكذا خطوة لن يكون مجرد نزهة بل سيضع واشنطن في مأزق كبير داخل بقعة جغرافية تُعد الأخطر عالمياً. وعلى النقيض من العراق تمتلك كوريا الشمالية صواريخ بعيدة المدى تناطح وتفاوض وتماطل الولايات المتحدة لأن "بيونج يانج" لديها إمكانات عسكرية حقيقية تشكل تهديداً واضحاً لواشنطن وحلفائها في المنطقة.
الغريب والملفت والمُحير هو: لماذا انتهجت واشنطن سياسة الحرب الاستباقية ضد العراق، التي احتلت على إثرها بلاد الرافدين، وأحجمت عنها مع كوريا الشمالية؟ ولماذا هذه الازدواجية الصارخة؟ الإجابة تكمن في سببين هما: النفط، وحماية أمن إسرائيل.
أسامة محمد-أبوظبي