من يتابع تصريحاته أو يمعن النظر في سياساته خلال الآونة الأخيرة يخرج باستنتاج مفاده أن رئيس الوزراء الإسرائيلي انسلخ من جلده ويسعى جاهدا، لكن بعد فوات الأوان، لأن يظهر في صورة رجل المبادرات الذي يقترح خطوات من جانب واحد لإحلال السلام مع الفلسطينيين. ولاشك أن مبادلته الأسرى مع "حزب الله" وحديثه عن تفكيك المستوطنات الإسرائيلية الموجودة في قطاع غزة دليلان على أن ارييل شارون ينتهج سياسات جديدة لم يعهدها كثيرون من رجل تاريخه ملطخ بدماء الفلسطينيين. لكن ما يبعث على الحيرة والاستغراب في آن معاً هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي زعيم حزب "الليكود" الذي يمثل "اليمين" على الساحة السياسية العبرية أصبح الآن "يسارياً" أكثر من حزب "العمل" نفسه فأفكار الأخير سرقها شارون بعد أن أفلست سياساته تجاه الفلسطنيين وبعد أن تعرض لتهم الرشوة والفساد. غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي وعلى رغم سياساته الأخيرة، فإنه يطلق مبادرات بيد ويؤجج حملته العسكرية ضد الشعب الفلسطيني باليد الأخرى. سياسات شارون الأخيرة يمكن تفسيرها بأنه يحاول استرضاء الرأي العام العالمي دون أن يقدم شيئاً ملموساً على الأرض من جهة بينما يسعى إلى التشكيك في عزم الفلسطينيين على التفاوض مع الإسرائيليين من جهة أخرى.
محمود حسين-أبوظبي