يمر الشعب العراقي الشقيق بظروف شديدة القسوة والصعوبة، فبعد مرور ربع قرن من حكم النظام البعثي الصدامي مروراً بحروب ومغامرات خاسرة مع دول الجوار العربي والإسلامي يعيش العراقيون تحت وطأة الاحتلال الأنجلو-أميركي. تركيبة بلاد الرافدين العرقية والطائفية تجعله مهدداً باندلاع فتنة بين مختلف الإثنيات والأعراق، فكل إثنية تسعى إلى أن يكون لها نصيب الأسد في الحكومة العراقية الانتقالية.
والأسوأ من هذا أنه لا توجد شخصية عراقية تحظى بالإجماع كي يلتف العراقيون حولها ومن ثم يكون الطريق ممهداً لتكوين حكومة وطنية ديمقراطية تقود العراق إلى التقدم والتطور. ومن الواضح أن الحالة الأمنية المرتبكة وغياب رؤية سياسية واضحة للآليات التي من خلالها يمكن تشكيل حكومة عراقية انتقالية يستلزمان مزيداً من الحس الوطني لدى العراقيين، لأنه إذا تم ترك الباب مفتوحاً أمام الطموحات الطائفية والعرقية ستكون المحصلة النهائية ذوبان الوطن العراقي وتشرذمه وتفتته إلى كيانات صغيرة هشة غير قادرة على البقاء. ويتعين على العراقيين أن يبحثوا عن القواسم والآمال المشتركة بينهم والتي تتمثل الآن في انسحاب القوات الأميركية وإحلال الأمن في بلاد الرافدين، واسترداد العراق لعافيته الاقتصادية، فالوطن العراقي يتسع لجميع أبنائه أيا كانت أصولهم العرقية أو انتماءاتهم المذهبية.
وبعد تعيين الأخضر الإبراهيمي نائباً للأمين العام للأمم المتحدة في العراق بدا واضحاً أن الأمم المتحدة تحاول لعب دور في الشأن العراقي خصوصاً بعد أن دعا الرئيس بوش المنظمة الدولية للانهماك في المسألة العراقية، لذا من الضروري جداً أن يثبت العراقيون للمجتمع الدولي قدرتهم على إجراء انتخابات مباشرة كي يؤكدوا جدارتهم بالحرية والديمقراطية اللتين حُرموا منهما طويلاً، وكي يبرهنوا على أنهم الجهة الوحيدة التي بمقدورها إنقاذ العراق من محنته الراهنة.
عادل محمود - القاهرة