كتب روبرت شير على صفحات"وجهات نظر" يوم الأحد 8/2/2004 مقالاً بعنوان "الأكاذيب التي ورطتنا في المستنقع العراقي". والذي لفت نظري إلى مقاله هو التزام الكاتب بالصراحة الواضحة في نقده لسياسة أميركا في الوقت الحاضر. وأركز في تعقيبي هنا على إشارة الكاتب إلى أن "أميركا لم تتعلم من دروس الماضي" وأبرزها دروس الحرب الفيتنامية. ويستند روبرت شير إلى ما كتبه مهندس حرب فيتنام روبرت مكنمارا في كتابه المسمى بـ"ضباب الحرب" والتي يعتذر فيها عن مغامرة الخطأ الفادح الذي أوقع الولايات المتحدة فيه. مكنمارا يذرف الدموع الآن على حرب فيتنام تلك الحرب الاستباقية التي لم تكن ضرورية بالمرة.
"روبرت شير" خلص في مقاله إلى أن الولايات المتحدة أخطأت في شن حرب استباقية على العراق لأن الحرب استندت إلى معلومات مغلوطة وهو خطأ لا يغتفر وبررت واشنطن حربها على العراق بـ"غش يستوجب الإدانة". الكاتب يستغرب من أنه لا زال هناك قول يتردد حتى الآن وهو أن "الغاية تبرر الوسيلة". ويرد على ذلك بأن الوسيلة غير الأخلاقية تفسد الغاية النبيلة. ويسخر من مقولة إننا نريد (أي أميركا) أن ننقذ العالم وندخل إليه الديمقراطية والحرية. ويستغرب لماذا لا تنسحب أميركا من العراق وينتقد من يقولون إن ذلك غير ممكن، لأن الكاتب يرى أن الوجود الأميركي في العراق لم يعد محل ترحيب، وهو ما تؤكده التحركات الأميركية لإغراء حلف شمال الأطلسي "الناتو" بتحمل المسؤولية عن الأمن داخل العراق وتكليف الأمم المتحدة بالمسؤولية عن تسليم السلطة إلى العراقيين، ما يعني أن إدارة بوش تريد ستاراً من ورائه تسيطر على الأمور في بلاد الرافدين سيطرة كاملة. وإذا ما حدث وأن استيقظ ضمير السيد "وولفوفيتز" كما استيقظ أخيرا ضمير "روبرت مكنمارا"، فإن مما لا شك فيه أن "وولفوفيتز" سيذرف الدموع في كتاب أو وثيقة في المستقبل - كما فعل مكنمارا- على ارتكابه، على حد قول روبرت شير، "لحماقة التظاهر بجلب الاستنارة إلى شعب لم نحترمه أبدا، ولم نفهمه، مع قيامنا في الوقت نفسه بإلحاق ضرر جسيم بديمقراطيتنا الهشة".
منصف أبوبكر - أبوظبي