بعد أن مرر شارون صفقة تبادل الأسرى مع "حزب الله" اللبناني، وبعد عزمه على تفكيك المستوطنات الإسرائيلية في غزة، بدا واضحاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يمر بمرحلة جديدة ربما يحاول من خلالها الاستيلاء على أفكار اليسار الإسرائيلي المتمثل في حزب "العمل". وعلى رغم أن "اليمين" الإسرائيلي بات غير راض عن خطة شارون لإخلاء مستوطنات غزة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول عبر سياساته الأخيرة الظهور أمام العالم في صورة رجل محب للسلام يتخذ خطوات أحادية الجانب لإرضاء الفلسطينيين. لكن لا يجب أن تنطلي هذه الخدع "الشارونية" على أحد في عالمنا العربي، فالأمر كله لا يتعدى مجرد تشبث شارون بالسلطة، فهو الآن مهدد بقرار إدانة قد يطيح به من على سدة الحكم. ومن الواضح أن هذه الخطوات موجهة للخارج أكثر من كونها تهدف إلى كسب الرأي العام الفلسطيني أو العربي، إضافة إلى أن شارون لديه الرغبة في امتصاص الموقف الدولي الرافض لتدشين الجدار الأمني.
وعلى رغم ذلك يبقى شارون 2004 هو شارون الستينيات والسبعينيات والثمانينيات الملوثة يداه بدماء العرب، ومهما قدم هذا الرجل من مبادرات زائفة، فإنه لن يتوقف عن تدبير المجازر للفلسطينيين، وكل ما يطلقه من شعارات أو سياسات جديدة ما هو إلا تغطية لجرائمه التي يخطط لها ضد الفلسطينيين.
عاطف فتحي-أبوظبي