نجحت الإدارة الأميركية في الترويج لاستراتيجية الضربات الاستباقية، فالرئيس بوش يتبنى هذه الاستراتيجية إيماناً منه بأنها ستحمي الأراضي الأميركية من خطر أسلحة الدمار الشامل خصوصاً عندما تكون هذه الأسلحة في يد جماعات إرهابية أو نظم لا تتمتع بالرضا الأميركي. كذبة العراق الكبرى ووهم أسلحة صدام الفتاكة وضعا هذه الاستراتيجية في مأزق، فثمة تساؤل يطرح نفسه: كيف تشن الدولة العظمى حرباً ضارية ضد بلد مستقل ذي سيادة استناداً إلى معلومات استخبارية زائفة؟ وإذا تراجعت الثقة في أجهزة الاستخبارات فكيف يمكن للمواطن الأميركي تأييد حرب تفتقر إلى أسباب مقنعة؟ وهل سيفلت بوش وأركان إدارته من محاسبة الرأي العام الأميركي سيما وأن الضحايا من الجنود الأميركيين يسقطون يومياً في العراق؟ هذه التساؤلات وغيرها كثير تشكك في جدوى الحرب الاستباقية التي تفتقر إلى الرشادة والمنطق من جهة وتفتقر إلى الدعم الدولي من جهة أخرى. صحيح أنه من الصعوبة الاستمرار في الكذب لكن لن يغفر الأميركيون لقيادتهم أنها ضللتهم يوماً ما واستغلت خوفهم وهلعهم لتمرير سياسات خاطئة وشن حروب غير ضرورية. اليوم تحاول واشنطن ذر الرماد في العيون بتعيين لجنة للوقوف على صحة المعلومات الاستخبارية التي استخدمتها إدارة بوش لتبرير حربها على العراق، لكن تشكيل هذه اللجنة جاء متأخراً وخصوصا أن أميركا أرسلت قواتها وأرهقت ميزانياتها واهتزت صورتها وتعرضت لانتقادات من الحلفاء والخصوم على حد سواء.
نادر المؤيد - أبوظبي