ووتر غيت" في باريس... و"شارون جديد" في إسرائيل؟


من صحافة باريس الصادرة هذا الأسبوع، نسلط الضوء في هذه المساحة الموجزة على مضاعفات إدانة محكمة فرنسية لآلان جوبيه وتأثير ذلك على جاك شيراك، ونعرض لمبادرة شارون الأخيرة القاضية بمبادلة الأراضي مع الفلسطينيين، ثم نعرّج على تطورات قضية تسريب التقنية النووية من باكستان.


 أمواج الصدمة


 استحوذ الحكم الصادر عن محكمة نانتير قبل أيام بإدانة رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ألان جوبيه، في قضية فساد، على مانشيتات معظم الصحف والمجلات الفرنسية هذا الأسبوع، وذلك لخطورة الموقف، بالنسبة إلى الرئيس شيراك، فجوبيه يعتبر "الإبن" المدلل للرئيس، وعندما تتم إدانته بهذا الشكل الجارح –والصاخب أيضا- يكون على حاميه شيراك أن يحس بألسنة اللهب التي بدأت تقترب من مخبئه هو شخصيا بشكل لا سابق له. مجلة "الأكسبريس" وبقلم رئيس تحريرها واثنين من كبار محرريها، فتحت هذا الملف الذي لم يعد بعد اليوم مصنفا في خانة "المسكوت عنه"، وبينت في مقال رئيسي تحت عنوان: "موجة الصدمة" أن الشيراكية ممثلة في أحد أبرز رموزها تلقت هذا الأسبوع صدمة سيمضي وقت طويل قبل أن تتمكن من التخلص من آثارها الجانبية. والمشكلة –تقول الأكسبريس- ليست فقط في إدانة جوبيه على واقعة محددة، وإنما تكمن في كون "الفرنسيين يجهلون، حقيقةً، إلى أي حد كان جوبيه مؤثرا في توجهات الحكومة الحالية، وتحديدا في خيارات رئاسة الجمهورية، منذ مايو 2002. فكثيرون لا يعرفون، مثلا، أن لجوبيه يدا في قانون حظر الرموز الدينية، (المعروف محليا بقانون العلمانية)، الذي بدأت مناقشته النهائية في الجمعية الوطنية يوم 3 فبراير". وليس هذا فحسب، بل تمضي المجلة إلى أن الشيراكية أصبحت في خطر، فحظوظ الرئيس في انتخابات 2007 لو قسناها من الآن تعد صفرا، في حين ترتفع حظوظ وزير داخليته الشاب (49 سنة)، ما يعني في نهاية التحليل أن على محسوبي شيراك وحاشيته الاستعداد من الآن للمغادرة في سفرة من الأليزيه باتجاه واحد. وواقع حال شيراك والديغوليين وقوس قزح اليمين الملتف حولهما يقول إن مستقبلهم جميعا لا يبشر بعهد زاهر بعد أن أصبح الحزب الحاكم مدانا بهذا الشكل و"بلا رأس" كما تقول المجلة.


 "ووتر جيت" في فرنسا؟


أما مجلة "لونوفل أوبسرفاتور" فقد خصصت هي أيضا ملف عددها لهذا الأسبوع كله لـ"جوبيه... القضية"، واستعرضت خلال عشرات الصفحات والمقالات كل أبعاد القضية وتأثيراتها المحتملة على مستقبل الرئيس وحزبه، وعلى الطبقة السياسية الفرنسية بشكل عام. وقد تصدّر المقال الافتتاحي لملف المجلة عنوان استظهار يقول: "لنكن صرحاء، يقول أحد المقربين، بالنسبة لانتخابات 2007 تبخّر كل شيء"، في إشارة إلى غضب الجمهور الفرنسي من شيراك و"ابنه" المدلل الاختياري جوبيه. وتسجل المجلة ما تعتبره حملة مضادة بدأها الرئيس وحاشيته للضغط على القضاء، من خلال فتح تحقيق أو ما يمكن تسميته "قضية في القضية"، بزعم تشكيل لجنة تثبت مكونة من ثلاثة من أكبر قضاة فرنسا، وذلك للتحقق من صحة ومصداقية حكم قاضية محكمة نانتير على عمدة بلدية بوردو "جوبيه"! ومثل هذه المناورة القضائية تعكس مدى التوتر الحاصل بين القضاء والطبقة السياسية التي تمت إدانتها بشكل لم يعد معه ممكنا اعتبار الحكم حالة فردية، خاصة بآلان جوبيه وحده. ومن ثم تتساءل المجلة: هل نحن مقبلون على "ووتر جيت" فرنسية؟ ومع أنها لا تقترح إجابة على هذا السؤال، فإن ما يفهم مما تحت السطور هو: "نعم... نحن مقبلون على ووتر جيت في فرنسا".


الدكتور أرييل والمستر شارون


 مجلة "لوبوان" نشرت مقالا بقلم ميراي دوتاي تحت عنوان: "شارون يفضح مخططاته"! ذهبت فيه إلى أن -بيلدوزر إسرائيل كما يسمى هناك- قرر هذا الأسبوع الإعلان عن حل قديم جديد معشش في ذهنه، هو مبادلة بعض المستوطنات بأراض يسكنها عرب داخل إسرائيل، وهو حل يحقق له ما يريد على جبهتين، أي إعطاء الشرعية لاحتلاله أراضي فلسطينية يفترض أنها تابعة للسلطة الفلسطينية من جهة وتمكنه من التخلص من وجع ضاغط على مستقبل إسرائيل الديمغرافي هو تزايد نسبة العرب داخل الدولة العبرية مقارنة باليهود. وترى الكاتبة أن هذه المبادرة تأتي من كون شارون يعتقد أن لدى الأميركيين ما سيقولونه له في زيارته الوشيكة لواشنطن، ولذا قرر استباق أي ضغط بهذا الاقتراح غير الواقعي المرفوض من قبل المستوطنين والفلسطينيين والمجتمع الدولي على حد سواء. أما صحيفة "لومانيتيه" فقد نشرت مقالا تحت عنوان: "إسرائيل: الدكتور أرييل والمستر شارون على كل الجبهات" (في استحضار لعنوان الرواية الشهيرة الدكتور جايكل والمستر هايد) أشارت فيه، إلى أن مبادرة شارون تلك تأتي من منطلق شعوره بأن الدائرة بدأت تضيق ع