صدر قبل أشهر كتاب جديد طبعته دار النشر الشهيرة "سانت مارتن" بنيويورك، والكتاب عنوانه: (THE TROUBLE WITH ISLAM)، ويمكن ترجمة العنوان على أنه "المشكلة مع الإسلام"، أو مشكلة الإسلام، والكتاب من تأليف "إرشاد مانجي"، وهي كندية هاجرت وعائلتها التي تنحدر أصولها من باكستان إبان حكم عيدي أمين من أوغندا بداية السبعينيات لتستقر في غرب كندا بمقاطعة بريتيش كولومبيا.
تتحدث الكاتبة عن تساؤلاتها الطفولية حين كانت تذهب إلى مدرسة إسلامية لتعليم الدين الإسلامي، وكانت تساؤلاتها تنصب في البداية على دور المرأة في الإسلام وهل يحق لها أن تؤم المصلين. أثارت تساؤلاتها تلك غضب معلميها، وتسببت لها بضرب مبرح من قبل والدها الذي كان يحاول أن يكبح جماح تساؤلاتها. تذهب إرشاد في كتابها إلى طرح تحديات للدين الإسلامي، وتقدم آراء تدخل في خانة التكفير من قبل رجال الدين. وإرشاد مقدمة برامج إذاعية وتلفزيونية أشهرها برنامج "التلفزيون الشاذ"QUEER TELEVISION. وهي كاتبة مقيمة بجامعة تورنتو بكندا، وتعترف في الكتاب بأنها سحاقية، ولها موقع معلوماتي اسمه muslim-refusnik.com
أتمنى ألا يلقى هذا الكتاب ردود فعل عليه شبيهة بردود الأفعال التي أعقبت نشر كتاب سلمان رشدي "آيات شيطانية"، عام 1988. فلقد أحدث ذلك الكتاب ضجة برأيي لا يستحقها، وشهرة لا يستحقها الكاتب نفسه، وكان حريا بالمسلمين إما أن يفندوا الكتاب، أو أن يتجاهلوه تماما، لكنهم -للأسف- أصدروا الفتاوى بقتل كاتبه، وأهدروا دمه واعتبروا الكتاب مؤامرة على الإسلام، بينما أرى أن الإسلام لا يتآمر عليه من يشاذه، وإنما من يضعف أمام آراء الآخرين مهما تهاوت، تحت ذريعة الدفاع عن العقيدة والدين.
ويدور جل كتاب إرشاد حول "لا تسامح" المسلمين، وعدم قدرتهم على التعايش مع الآخرين، مستشهدة بنماذج التعايش والمساواة التي تقدمها الدول الغربية، وعلى رأسها بلادها التي تحمل جنسيتها- كندا. كما أن جدلها ينصب على أن عدم قدرة تعايش المسلمين مع الآخرين سببه تعاليم الدين الإسلامي نفسه.
وعلى من يقرأ كتاب إرشاد أن يقرأه لثلاثة أهداف رئيسية:
أولا، إما قراءته لتفنيد ما جاء فيه من ادعاءات، فلقد طرحت الكاتبة ما سمته التساؤلات الكبرى، وجادلت فيما قالت عنه إنه "تناقضات" في القرآن، وسيكون قاعدة الرد عليها "ما شاذّ الدين أحد إلا غلبه". أو للاقتناع بما جاء فيه من محاولات التشكيك في العقيدة والقرآن، وهذا مستحيل للمسلم القوي الإيمان، او للاطلاع على آراء الآخرين مهما شذت، وعلى وجهات نظر المخالفين للإسلام مهما انحرفت، وهذا هو هدفي من قراءة الكتاب، وهو الهدف نفسه الذي دفعني إلى قراءة كتاب سلمان رشدي الشهير، فلقد وضعتهما على الرف بعد الانتهاء منهما، لم تغير قراءة الكتابين عندي من الأمر شيئا فيما يتعلق بديني وعقيدتي.
أتمنى أن أكون مخطئا، ولكني أتوقع صدور تعاميم خلال أيام تمنع الكتاب في كافة أنحاء العالم الإسلامي، وفتاوى متزامنة مع المنع تهدر دم الكاتبة، وأخرى تطالب بقتلها مهما كان الثمن، وآخر يضع جائزة قدرها ملايين الدولارات لمن يأتيه برأسها، ويكون بذلك قد تحقق لأعداء الدين وأعداء الإسلام ما يريدونه من الإضرار بالمسلمين الذين "لا يحسنون الحوار ولا الجدل والدفاع عن دينهم، بل يلجأون إلى العنف والدم لتصفية خصومهم" كما يدعي خصومهم.