المناورة ·· المماطلة ·· المغالطة ·· المراوغة ·· ليست مجرد مصطلحات يتهم بها العرب السياسات الإسرائيلية منذ بدء ما يسمى الصراع العربي الإسرائيلي ،ولكنها أصبحت بنودا ثابتة ارتبطت بها سياسات الحكومات الإسرائيلية في أدبيات السياسة الدولية طوال اكثر من نصف قرن، سواء على ساحة العمل الدولي في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية المختلفة، أو على مستوى المفاوضات الثنائية والإقليمية التي تمخضت عن مؤتمر مدريد ·
بالأمس كشف الإرهابي الكبير اسحق شامير عن خطط حكومته لمفاوضات تستمر لعقود دون أي نتيجة !··واليوم يقولها السفاح شارون عبر خططه للفصل الأحادي ومناوراته لإخلاء بعض البؤر الاستيطانية العشوائية في محاولة لغسل يده من دماء الفلسطينيين والإيحاء بأنه فعلا كما وصفه البعض ''رجل سلام''!
وفي أحدث دليل على سياسة المناورة والمماطلة والمراوغة الشهيرة ، تبذل العصابة الشارونية الحاكمة في تل أبيب جهودا مكثفة لوأد إدانة مرتقبة من محكمة العدل الدولية لجدار الفصل العنصري الذي تبنيه لعزل الضفة وغزة واغتصاب المزيد من أراضيهما ·
والحجة الإسرائيلية الدائمة التي لطالما استخدمتها إسرائيل في مثل هذه المناورات هي أن المحكمة ليست المكان المناسب لمناقشة مثل هذه القضايا ،وأنها يجب أن تترك للمفاوضات الثنائية المباشرة بين طرفي النزاع ؟! ··ذلك الفخ الذي وقع فيه العرب بعد مؤتمر مدريد ، وخطط الإسرائيليون له أن يستمر لعقود حسب اعتراف شامير·
وقد نجحت نفس الحجج غير المنطقية -التي لم تكن لتصادف أدنى قدر من النجاح لولا تبنيها من الولايات المتحدة وبعض كبار العالم - في إبعاد الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن عملية التسوية المزعومة ليتاح للطرف الإسرائيلي الأقوى فرض رؤاه وتصوراته العدوانية الظالمة على الطرف العربي والفلسطيني الأضعف، إلا من إرادته وقوة عزيمته ·
المناورات والمماطلات الإسرائيلية لم ولن تكون جديدة وهي ستستمر وستزداد وتيرتها تصاعدا رغم ما تلقته وقد تتلقاه إسرائيل من هزائم سياسية على الساحة الدولية وخاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة البعيدة عن النفوذ الصهيوني المتحكم في مجلس الأمن ·· ويبقى أن العرب مطالبون بضرورة تطوير استراتيجية موحدة وفاعلة للتصدي لهذه المناورات وفضحها والعمل على إلحاق الهزيمة بها في كافة المحافل الدولية ·