لقد خرج العراقيون إلى الشوارع يطالبون بإجراء انتخابات حرة ونزيهة من أجل اختيار حكومتهم الموعودة، وللمرة الأولى منذ عقود تشهد بغداد تظاهرات بهذا الحجم. غير أن العراقيين لم يتفقوا حتى الآن على رأي واحد بخصوص المستقبل السياسي لبلادهم. فثمة آراء تقول إن الحالة الأمنية ليست مهيأة لمثل هذا الحدث الكبير والمهم في حياة هذا الشعب المظلوم. وآراء تقول إذا جرت هذه الانتخابات ستكون طائفية لأن أغلبية الشعب العراقي من الشيعة، والرأي الآخر يقول نريد وقتاً كافياً للتهيئة لمثل هذه الانتخابات وخصوصاً ونحن لا نمتلك الخبرة في هذا المجال لكثرة الحكومات الدكتاتورية المتعاقبة، والرأي الرابع هو تكوين أو تعيين مجلس، وهذا المجلس يقوم باختيار الحكومة الجديدة. علما بأن الذين يقولون أو يتبنون هذه الآراء جميعهم يؤمنون بالديمقراطية التي مازالت في بلداننا عبارة عن سلعة تقدم حسب نوعية المستهلك.
إن الأوضاع الأمنية المتدهورة لم تقف يوماً من الأيام عقبة كبيرة بوجه الشعوب التي تؤمن بالديمقراطية الحقيقة لأن الشعوب هي التي تخلق هذه الحالة وأول وسيلة لتحقيقها هي وجود الحكومة المنتخبة من الشعب والممثلة لهم والتي تنفذ آراءهم فإنها الوحيدة القادرة على القيام بواجب تحقيق الأمن بشكل دائم ونهائي.
أما الذي يريد الأشياء بالصيغة التي يريدها لا وفقاً للواقع على الأرض، فهو شخص يتعين عليه الرجوع إلى عقله كثيرا وتحكيمه لأن الحقائق تعرف بالعقول لا من خلال العيون المجردة، فلم تكن الانتخابات في يوم من الأيام طائفية أو عنصرية ولكنها تعتبر جوهر الديمقراطية الحقيقية، فالانتخابات هي الأداة الوحيدة التي تمثل أو تعبر عن إرادة الشعوب، ورأي الأغلبية هو الذي ينتصر في النهاية، وهذا لا يعني أن تقوم الأغلبية باضطهاد الأقلية التي خسرت بالانتخابات لأن الدستور هو الذي يحافظ على حقوق جميع شرائح المجتمع.
خضير العواد - كندا