بإرسالها قوات للمساهمة في حفظ السلام داخل العراق تكون اليابان قد تنصلت من استراتيجيتها القديمة المتمثلة في عدم الدخول في نزاعات أو إرسال قوات خارج أراضيها وهي استراتيجية دأبت طوكيو على تفعيلها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
الآن بعد أن أيقنت اليابان، التي تُعد من بين أكثر البلدان الصناعية تمويلاً للأمم المتحدة، أنه لابد من تغيير استراتيجياتها القديمة كي تتفاعل وتتعامل مع المستجدات الدولية خاصة في ظل الحرب على الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. ويبدو أن اليابان أدركت جيداً أنه لابد للقوة الاقتصادية من درع عسكري يحميها ، ما يعنى أن طوكيو ستخطط في المستقبل المنظور للاعتماد على نفسها كلية في المسائل الدفاعية والأمنية وذلك على رغم التحالف الأمني والعسكري القائم بين واشنطن وطوكيو. لاشك أن إرسال طوكيو 1000 جندي إلى العراق يندرج ضمن ما يمكن تسميته مرحلة جديدة في الدبلوماسية اليابانية تسعى من خلالها طوكيو إلى القيام بدور فاعل في القضايا الدولية لتتجاوز بذلك الأدوار الاقتصادية إلى أدوار عسكرية وأمنية. وعلى رغم أن ثمة ترحيباً بإرسال اليابان قواتها إلى العراق، فإن لدى بعض المحللين هواجس تتمثل في أن هذه الخطوة ربما تكون مؤشراً على عودة ما يمكن تسميته بـ"الإمبريالية اليابانية" والتي تعيد للأذهان الحقبة التي استعمرت خلالها طوكيو دول جنوب شرق آسيا.
خالد محمد - أبوظبي