الغارة الإسرائيلية الإجرامية على حي الزيتون في مدينة غزة وقتل الأبرياء بدماء باردة وتنفيذ عمليات إعدام ميدانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل ليست بجديدة على حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف المتعطشة للدماء بل هي فصل يتجدد من فصول شارون الدامية يحاول من خلاله الهروب إلى الأمام من استحقاقات السلام ومن فضيحة الرشاوى التي تلاحقه وتهدده بالسقوط المذل ومن صفقة تبادل الأسرى العرب التي وضعته في زاوية المهزوم والمنصاع لشروط المقاومة اللبنانية حسب ما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية عندما أعلن شارون عن الصفقة وحاول أن يصورها على أنها سلوك إنساني حضاري لحكومة غارقة في الدماء والفساد والعنف·
لقد أفقدت الانتفاضة الباسلة للشعب الفلسطيني في عامها الرابع شارون صوابه وقد استخدمت حكومة غلاة الصهاينة ضد هذا الشعب كل أنواع البطش والتنكيل وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا بل يقف في معظم الأحيان إلى جانب العدوان ويبرره، ورغم ذلك لم تستطع آلة العدوان وفكرغلاة اليمين المتطرف أن تهزم إرادة الشعب الفلسطيني الذي يخوض صراعا من أجل البقاء ،بل إن المؤشرات السياسية والميدانية تقول إن شارون يجر إسرائيل إلى الهاوية والعزلة والنبذ سواء على الصعيد الإقليمي أو على الصعيد الدولي حيث بدأت شعوب أكثر الدول الأوروبية و الولايات المتحدة الاميركية الداعمة لإسرائيل تعتبر أن هذا الكيان بسياسته العدوانية وفكره المتطرف يشكل خطرا ليس على السلام في منطقة الشرق الأوسط بل على السلام العالمي·
الهروب إلى الأمام من استحقاقات واجبة على إسرائيل وعلى اليمين المتطرف في الكيان الصهيوني خصوصا وافتعال أزمات وزوابع وقلاقل في المنطقة تحمل رسائل واضحة للمجتمع الدولي بشكل عام وخصوصا إلى الولايات المتحدة الأميركية التي بدأ مبعوثها الخاص أمس مهمته بلقاء رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع''الذي استبشر خيرا في مهمة المبعوث الاميركي جون وولف'' لتحريك ملف التسوية في الشرق الأوسط، مفاد هذه الرسائل الاسرائيلية ان حكومة شارون لا تريد السلام وتدفع بالمنطقة في اتجاه الانفجار والفوضى·
وهذه ليست ايضا المرة الاولى التي تتهرب فيها اسرائيل من استحقاقات السلام التي يلتزم بها الشعب الفلسطيني وتطالب بها الدول العربية بدءا من اتفاقات اوسلو الى اتفاق الهدنة الأخير الذي تم التوصل اليه بجهود مصرية اميركية وقد افشلته اسرائيل بالاجتياحات المتكررة واغتيال قيادات الفصائل الفلسطينية·
لقد آن للأسرة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية في ظل هذا التعنت الاسرائيلي والاستهتار بالمواثيق الدولية أن تتحرك بجدية لوضع حد لجرائم شارون وغلاة المتطرفين في المجتمع الإسرائيلي لوقف هذه المأساة التي تشكل وصمة عار في جبين الإنسانية والعالم المتحضر في القرن الواحد والعشرين.