يتصايح كثير من القوميين والإسلاميون العرب حين يأتي الحديث عن التطرف وحصره بمن ينتمي إلى الجماعات الدينية، ويتساءلون: أين الغرب عن التطرف اليهودي والمسيحي؟ وبالطبع ينسون البوذي والهندوسي. بالله عليكم، كم متطرفا يهوديا أو مسيحيا أو بوذيا أو هندوسيا أو من أية ملة أو دين هدد بتدمير العالم الغربي؟ كم متطرفا من هؤلاء قام بتفجير نفسه ضد المؤسسات الغربية سواء مدنية كما حدث في الحادي عشر من سبتمبر، أو عسكرية أو ضد السفارات الغربية أو المعابد الدينية، ما يحزّ في النفس أن جميع المتطرفين المتدينين الذين يهددون ليل نهار بضرب المصالح الأميركية والغربية ممن ينتمون إلى الدين الإسلامي، بل ويعلنون جهاراً نهاراً أن النص الديني يعطيهم الحق بذلك باعتبار الغرب عدو الدين، وأنه يحتل العالم الإسلامي، بل ويكفّرون الأنظمة العربية التي تعلن أن الدين الرسمي للبلاد: الإسلام.
الذين دمروا برجي التجارة الأميركيين مسلمون، والذين فجروا المعابد اليهودية والسفارات في تركيا مسلمون، والذين قتلوا المواطنين الأميركيين في الكويت، مسلمون، والذين فجروا السفارات مسلمون، والذين فجروا المجمعات السكنية في السعودية، مسلمون· وكل يوم يتم إلقاء القبض على الخلايا المسلحة هنا وهناك، وكل المنتمين إليها من المسلمين، وجميع الفتاوى القاضية بقتل (الكفار) في بلاد الإسلام، تصدر عن مرجعيات مسلمة. وكل الخطب التحريضية ضد غير المسلمين تنطلق من مساجد إسلامية. وجميع المنظمات واللجان التي يتم تجفيف منابعها المالية لها علاقة بالمنظمات المتطرفة، منظمات ولجان إسلامية، ثم بعد هذا كله نغضب حين يتحدث الساسة الغربيون عن التطرف الإسلامي دون غيره من أنواع التطرف الديني؟! صحيح أن التطرف الأصولي يشمل الإسلامي وغيره، لكن التطرف الإسلامي تعدى كل الحدود بفعل هؤلاء الأفراد الذين يرون العالم بعين واحدة. من يصدق أن الجماعات الدينية في كل البلاد العربية والمسلمة لم تدن ما فعله أسامة بن لادن في تفجيرات برجي التجارة العالمية، بل إن هناك من يبرئ ابن لادن؟ ماذا نريد من الغرب حين يرى ويسمع هذا كله؟ هل نريد أن نسمع مديحا؟ إننا مدانون بتهمة الإرهاب ما دام هؤلاء المتطرفون يعيشون بيننا. وليس من العقل والمنطق أن نتوقع موقفاً إيجابياً من الغرب تجاه المسلمين. وللأسف أن يُساء استخدام النص الديني لتبرير الأعمال الإرهابية.
لذلك يحتاج المسلمون اليوم إلى بذل كل الجهود للقضاء على هذا الإرهاب الذي وصل إلينا في الداخل، وأخذ يدمر مؤسساتنا وشبابنا، ويلوث عقولهم بكراهية كل ما هو غربي، ويضع العقل الإسلامي في حالة عداء مع الحضارة الغربية. نحن بحاجة إلى تغيير مناهجنا التعليمية لتعليم أبنائنا احترام الآخر، وشواهد التسامح الديني في تاريخنا العربي، وكذلك تغيير لغة الخطاب الديني بتحويل لغة العداء إلى لغة عقل وتفاهم. لقد أوغل الخطاب الديني في لغة العداء للغرب حتى احتكر الساحة العربية والإسلامية دون أي تدخل من السلطات السياسية، وها نحن اليوم ندفع الثمن: الاتهام بالتطرف، وإن كانت كل الشواهد ضدنا. لقد حان الوقت لتحجيم المنظمات والجماعات الدينية وإرغامها لتعمل ضمن قوانين الدولة، وليس خارجها. لقد آذت هذه المنظمات والجماعات الدين بسلوكياتها العدائية، أكثر مما آذت الغرب· لذلك يجب أن لا نزعل إذا ما تكاثر الحديث عن (التطرف الإسلامي).