... تتصدر مسألة إصلاح وتطوير جامعة الدول العربية قائمة الأولويات في التحركات والاستعدادات الجارية لعقد القمة العربية القادمة في تونس في شهر مارس المقبل، وهي أمر طال انتظاره طويلا في ظل المتغيرات العاصفة التي تموج بها الساحتان العربية والدولية، والتي يبدو أنها ورغم شدتها وقوتها لم تستطع إفاقة وإيقاظ الجامعة العربية من حالة البيات والكمون التي سرت في أوصالها وحولتها الى كيان يحتضر، امتد شلله وعجزه الى كافة منظمات العمل العربي المشترك فأقعدها عن أداء دورها المطلوب في جميع المجالات، فانطوت الى غياهب النسيان من طول الغياب عن ساحات العمل الفاعل·
... إن انتشال الجامعة العربية من الوهدة السحيقة التي انجرفت إليها طوعا أو كرها، وسقطت فيها لا تلوي على شيء، ليس في حاجة إلى مشاريع وخطط جديدة، فما أكثر ما عقد من مؤتمرات وورش عمل واجتماعات رفعت أكداسا من التوصيات والمقترحات اتخمت الأدراج وفاضت بين جنبات المكاتب، وما أكثر ما رسم ووضع من تصورات وخطط، وما حيك من أثواب لاستبدال الثوب البالي للجامعة الذي ظلت تتدثر وتتلفع به لأكثر من نصف قرن وترفض حتى مجرد رتقه ليحميها من غوائل الزمان وتقلباته، فانكشفت سوءاتها وظهرت عيوبها وأمراضها وعللها المزمنة التي ليست في حاجة الى شرح وتفصيل، فقد أصبح الحال مكشوفا ومعروفا للقريب وللبعيد·
ما ينتظره ويأمله المواطن العربي من نتيجة هذه التحركات والاجتماعات هو قرن الأقوال بالأفعال، وترجمة النوايا المعلنة الى إرادة سياسية للتغيير مفعمة بالرغبة الصادقة والعمل الجاد لتطوير وإصلاح الجامعة العربية والمنظمات التابعة لها، حتى يعود للعمل العربي المشترك ثقله ووزنه المفقودان، ومن دون ذلك يبقى الحال على ما هو عليه من ضعف وتفكك وتشرذم وتخلف ينخر في الجسد العربي ويضاعف من آلامه.