لماذا كل هذه الضجة حول ليبيا بعد خطوتها الأخيرة المتمثلة في إعلانها التخلي عن برامح أسلحة الدمار الشامل؟ وهل خرجت ليبيا الآن عن الإجماع العربي وضربت الكرامة العربية في مقتل كما حطمت الآمال العربية؟. أو هل أصبحت ليبيا الآن "البعير" الذي قصم "قشة" العرب؟! إنني أسأل الأخوة المناضلين بدماء غيرهم: أين كنتم عندما كانت ليبيا محاصرة لمدة 15 عاماً؟ يؤسفني أن أقول إن العرب كانوا أشد قسوة في تنفيذ الحصار أكثر ممن فرض الحصار. هل أغضبهم أن ليبيا ظلت تلعب في ملعب العروبة والشعارات دون مساعدة من أحد حتى أفلست ولم يقف إلى جوارها أحد ممن صنعوا من صدام بطلاً يصول ويجول فوق رقاب شعبه؟، هل أفزعهم خروج ليبيا من عباءة العروبة المهلهلة أم أفزعهم أن يجدوا الساحة فارغة؟ لماذا نلوم ليبيا؟ هل كنا نود أن تظل ليبيا تلعب بمفردها أمام القوة العالمية؟ هل كنا نود أن تظل ليبيا تصرخ تحت وطأة الحصار حتى الانهيار؟ ولماذا لا نكون واقعيين ونفكر بعقلانية؟ هل كانت أسلحة الدمار الشامل الليبية ستصل إلى إسرائيل أو أميركا لتفتك بأعداء العروبة؟ قطعاً لا! إذاً لماذا كل هذا التباكي على شعارات انتهت صلاحيتها ولم تعد قيمتها تتعدى الحبر الذي كتبت به. وبعيداً عن الشعارات دعونا نتساءل: هل هذه الأسلحة كانت ستستخدم في أي صراع اقليمي أو قومي؟ طبعاً الصراع الاقليمي الآن مستحيل في ظل وجود العسكري الأميركي في المنطقة الذي لن يسمح باعتداء دولة مفترية على دولة أخرى. أما الصراع القومي فهو طريح الفراش يصارع الموت في غرفة الرعاية المفتقدة. لماذا لا نكف عن الكلام ونترك كل دولة تتصرف وفق مقدراتها وحكمتها في إطار مصالحها التي يستفيد منها شعبها.. وكفانا شعارات.
وإنني شخصياً أهنئ الشعب الليبي وأشكر القذافي على هذه الخطوة التي تفيد الشعب الليبي والعربي..
د. مراد راغب حنا - أبوظبي