بدأت القصة أولا بالنعجة دوللي, ثم تتالى انضمام أبقار اللحوم والألبان والخنازير والأغنام المستنسخة إلى مزارع الحيوانات المنتجة لهذه الأغذية في سكتلندة. لكن وبرغم أن منتجات الحيوانات المستنسخة قد أصبحت أمرا شائعا ومألوفا في المختبرات العلمية, إلا أنها لم تشق طريقها بعد إلى موائد الطعام. وربما يتغير الوضع الحالي, فيما لو رفعت (وكالة الأغذية والأدوية الأميركية) حظرا ساريا على تسويق لحوم وألبان الحيوانات المستنسخة. وما هي إلا بضع سنوات, وتنضم منتجات هذه الحيوانات إلى قوائم الأطعمة الأميركية المنتظمة. ومن المتوقع أن تكون النتائج مذهلة وإيجابية إلى حد كبير. ذلك أن الجمهور سيحصل على منتجات لحوم وألبان عالية الجودة, بفضل الهندسة الوراثية التي وفرت إمكانية إنتاج أغذية أكثر فائدة وأقل سعرا, نتيجة لتوفيرها حيوانات أوفر إنتاجا. لذا فإن مزارع الاستنساخ القائمة حاليا, تتطلع إلى حلول اليوم الذي تتمكن فيه من تسويق أبحاثها وإكسابها صفة تجارية.
غير أن المستهلكين وكذلك الجمعيات والمنظمات الناشطة في مجال حماية المستهلك, يبدون قلقا ومخاوف من التأثيرات الصحية المحتملة على البشر من وجهة نظرهم- للمنتجات الغذائية هذه. بل وتساورهم الشكوك والقلق إزاء صحة الحيوانات نفسها وسلامتها. وحتى الآن لم تتوفر أية أدلة علمية على سلامة الأغذية الناتجة عن حيوانات مستنسخة. هذه الجملة الأخيرة هي جزء مما ورد في تصريح صحفي أدلت به كارول تكر فورمان باسم اتحاد المستهلكين الأميركيين. وتابعت المسؤولة حديثها قائلة: ولا تتوفر لوكالة الأغذية والأدوية الأميركية إلا معلومات محدودة عن تكوينات الأغذية المنتجة بواسطة حيوانات مستنسخة. أضف لذلك أنه لم تجر أية دراسات تغذية تكشف عن الأثر الصحي البعيد المدى لهذا النوع من الأغذية على البشر. إلى ذلك أضافت المتحدثة أن مصدر جميع البيانات والمعلومات المتوفرة لدى الوكالة, هو الجهات ذات المصلحة والمدافعة عن تسويق منتجات اللحوم والألبان المستنسخة.
ولكن حتى الآن يبدو أن هذه الأغذية ربما تجد طريقها إلى موائد الطعام في نهاية المطاف. فقد جاء في تصريح للوكالة في شهر أكتوبر الماضي, أن منتجات الأغذية المستنسخة, هي نفسها المنتجات التي نحصل عليها من الحيوانات الطبيعية العادية من حيث الخواص والمكونات الغذائية. وأردفت الوكالة ذلك التصريح بمعلومة أخرى أكدت فيها أنها تواصل إجراء تحاليل ودراسات علمية على تقييم حجم الخطر الصحي لهذه الأغذية على حياة الأفراد. بل أعلنت أن النتائج التي توصلت إليها الأبحاث حتى الآن لم تشر إلى تأثيرات صحية مثيرة للقلق. يذكر أن هذه الأبحاث قد أجريت على تناول اللحوم وحدها, دون أن تشمل المنتجات الأخرى, وأن موعد نشر نتائجها النهائية لم يحدد بعد.
ولما كان عدد الحيوانات والماشية المستنسخة حاليا داخل الولايات المتحدة الأميركية, لا يزيد على بضع مئات- يوجد معظمها في مزارع الأبحاث العلمية- فإن إصدار قرار برفع الحظر السابق على منتجات الحيوانات المستنسخة من جانب الوكالة, لن يكون له أثر مباشر يذكر في الوقت الحالي على حجم العرض الغذائي لهذه المنتجات في أسواق اليوم. غير أن المدافعين عن المنتجات إياها, يرون أهمية كبيرة لصدور قرار كهذا, لكونه سيزيل الحاجز الذي وضعته وكالة الأغذية والأدوية, أمام طريق الصناعة الغذائية الجديدة القائمة على علوم الاستنساخ والهندسة الوراثية. ومن رأيهم أن قرار الحظر قد حال دون تقدم هذه الصناعة, وأبقاها حبيسة مرحلة التجارب والبدايات. ذلك هو رأي دون كوفر صاحب مزارع SEK Genetics وهي عبارة عن شركة متخصصة في تربية المواشي المستنسخة. وجاء على لسانه: لا شك أن الحظر المفروض حاليا على منتجات اللحوم والألبان المستنسخة, يقعد بهذه الصناعة ويقف حجر عثرة أمام تطورها. يشار إلى أن كوفر قد مول عددا من مشروعات استنساخ الحيوانات الكبرى في أميركا, وأن اسمه يرتبط بتمويل العينات الست المستنسخة من الثور Full Flush علما بأن العجول المستنسخة قد بلغ عمرها العامين الآن, وأنها بصحة جيدة وعلى أفضل ما يرام. إلى ذلك أضاف كوفر قائلا إن قيمة العجول الستة قد تضاعفت بما يزيد على خمسة أضعاف تكلفتها الحقيقية. على الصعيد نفسه, صرحت ليزا دراي مديرة قسم الاتصال لدى منظمة صناعات التكنولوجية الحيوية في واشنطن, قائلة: في الإمكان استخدام العجول المستنسخة هذه, في إنتاج عجول أخرى أكثر صحة وعافية وأمنا لحياة الأفراد. فبفضل الاستنساخ والتكنولوجيا الحيوية, أصبح ممكنا إنتاج حيوانات أقل سمنة أو ألبان أكثر قيمة غذائية وأقل ضررا بالصحة. بل أصبح ممكنا إنتاج حيوانات ومنتجات حيوانية مستنسخة, ذات مقاومة عالية للأمراض, الأمر الذي يجعل هذه المنتجات أكثر أمانا وسلامة لاستهلاك الأفراد.
عودة إلى قرار الحظر الذي فرضته وكالة الأغذية والأدوية الأميركية- آنف الذكر- نشير إلى أن الوكالة قد اتخذت القرار بناء على تحفظات تلقتها من قبل الأكاديمية الأميركية للعلوم, وهي الجهة ا