يبدو أن الصراع الدائر في إيران بين الإصلاحيين والمحافظين لم يحسم لصالح أحد، خصوصاً بعد قيام لجنة صياغة الدستور بمنع الآلاف من المرشحين ومن ضمنهم 83 نائباً إصلاحياً في المجلس الحالي ينوون خوض الانتخابات التي ستجرى في فبراير القادم.
الصراع اليميني الديني والإصلاحي ليس بالأمر الجديد، فقد بدأ الصراع بين الطرفين منذ بداية الثورة الإسلامية في إيران. فالثورة خلقت أكثر من سلطة تتصارع كل منها لفرض نفوذها. فازدواجية السلطة موجودة ليس فقط في منصبي الرئيس والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية بل تتعداه إلى المؤسسات الدستورية الأخرى مثل السلطة التشريعية (البرلمان) التي يقابلها في الجهة الأخرى مجلس صيانة الدستور والقوات النظامية مقابل قوات الحرس الثوري الإسلامي.
هذه الازدواجية في الحكم أثرت على أداء الأوضاع في إيران فأصبحت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لها أكثر من سياسة ورؤية مما أدى في النهاية إلى تردي الأوضاع الاقتصادية وأدى إلى وجود أكثر من سياسة في إيران لحل المشاكل الداخلية والخارجية.
أعضاء البرلمان الإيراني المنتخبون من الشعب يحق لهم الاعتصام والتظاهر لأنهم هم ولا أحد غيرهم المنتخبون من الشعب بشكل مباشر ومن أغلبية الشعب الإيراني، لذلك يحق للجنة صيانة الدستور وإن كانت دستورية منع إعادة ترشيح نواب فازوا في انتخابات عام 1997 ويودون إعادة ترشيح أنفسهم.
لماذا يتخوف المحافظون من البرلمان الإصلاحي المنتخب من الشعب؟. الجواب واضح وهو تخوفهم من إفلات الأمور من أيديهم وانتهاء احتكارهم للسلطة.
رجال الدين استغلوا المشاعر الدينية للشعب الإيراني ووعدوهم بالإصلاح الديمقراطي والرخاء الاقتصادي، ولكنهم لم يحققوا أي انجاز في هذا المجال، لذلك جاءت ردة الفعل الشعبية ضدهم ويصوت الشعب الإيراني وأغلبيته من الشباب ضد رجال الدين دائماً في المجالس المنتخبة سواء المحلية أو البلدية أو البرلمان.رجال الدين ليسوا مؤهلين لإدارة الحكم في أي بلد، لأن ذلك ليس من اختصاصهم.
يبقى التساؤل.. ما هي نتائج الصراع المستمر بين الطرفين؟ وماذا ستكون نتائج الصراع؟ ومن الذي سيحسم المعركة لصالحه؟
إن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مرة كل أربع سنوات لا يجعل من إيران دولة ديمقراطية. على السلطة في إيران احترام الإرادة الشعبية الممثلة باختيار الرئيس ونواب الشعب الإصلاحيين.
لقد أثبتت التجربة الدينية في إيران فشل النظام الديني، فلا يمكن إقامة دولة دينية في القرن الحادي والعشرين. محاولة النظام الإيراني التأكيد بأنه نظام ديمقراطي لن يخدع أحداً، فالديمقراطية لا تعني إقصاء أحد أو منع الحريات للأغلبية من الشعب الإيراني.
من الذي سينتصر في المعركة الدائرة اليوم؟ نتصور أنهم أنصار الديمقراطية والمجتمع المدني ودولة القانون والإصلاح.
رجال الدين فشلوا في كسب تأييد الشعب الإيراني، لذلك يحاولون نشر مفاهيمهم الدينية في الدولة المجاورة (العراق) من خلال حث بعض أنصارهم على إقامة نظام إسلامي شبيه بالنظام الإيراني...