··· الدعوة إلى إعادة التوازن إلى الأجندة الدولية التي أطلقها الأمين العام للامم المتحدة كوفي عنان في منتدى دافوس الاقتصادي أمس الأول، دعوة جاءت متأخرة كثيرا عن موعدها من منظمة معنية ومكلفة قبل غيرها بصيانة وحفظ التوازن الدولي بين الأمم والشعوب والدول والحكومات، فقد اختلت الموازين في معظم القضايا الدولية حتى أصبح الكيل بمكيالين هو القاعدة، وتقهقرت الأولويات التي كانت في أعلى درجات سلم الاهتمامات الدولية حتى لم يعد لها وجود، وتراجعت استحقاقات لا تقبل التأجيل في الساحة العالمية ولم تعد تذكر إلا بين الفينة والأخرى وفي المناسبات فقط، وهمشت أدوار ما كان لها أن تهمش لولا هذا الاختلال، وهضمت حقوق ثابتة ومؤكدة لا يرقى إليها الشك، وانتهكت خصوصيات وشؤون حرم الاقتراب منها والمس بها بموجب القوانين الدولية التي قامت على أساسها المنظمة الدولية ذاتها·
··· مظاهر الاختلال في الأجندة الدولية أكثر من أن تعد وتحصى، ويأتي في مقدمتها الصمت المطلق على جرائم إسرائيل وقيادتها الليكودية وإطلاق يدها لتستغل أبشع استغلال الحرب المشروعة ضد الإرهاب في أهداف غير مشروعة ترمي إلى إبادة الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط الحقوق الإنسانية ناهيك عن الحقوق الوطنية المشروعة في الاستقلال والدولة، إلى جانب انتهاكها المستمر لسيادة لبنان وسوريا واحتلال أجزاء من أراضيهما والتهديد الذي تمثله سياساتها وأسلحة التدمير الشامل التي تمتلكها وترفض الرقابة الدولية عليها، وهذا كله غيض من فيض العربدة الاسرائيلية في هذه المنطقة وحدها!
أما الحملة الدولية ضد الإرهاب فقد تجاوزت، بفعل الدوائر المتعاطفة مع إسرائيل وشبكات الإرهاب الدولي أيا كان منشؤها وتوجهها، أهدافها النبيلة إلى محرقة لتطلعات الشعوب في الحرية والاستقلال والتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وكادت تصبح ذريعة لإسكات كل صوت مخالف للأصوات المنكرة الصادرة من إسرائيل ومن مخابئ بارونات الإرهاب داخل الجبال والغابات· وهذا قليل من كثير!
إن مواجهة شريعة الغاب التي تريد إسرائيل والإرهابيون تطبيقها على العالم كله يجب أن توضع على رأس الأولويات الدولية إذا أراد المجتمع الدولي إعادة التوازن المفقود إلى الأجندة الدولية·