في المؤتمر السنوي التاسع "الخليج وتحديات المستقبل" والذي عقده مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في الفترة من 11 -13 يناير 2004م بأبوظبي، أثبت المركز رؤيته المتميزة في اختيار كوكبة عالمية من المتحدثين، أبدعوا فيما قدموا من أراء واضحة وجريئة وبشفافية عالية قد لا تقال في الكثير من المؤتمرات التي حضرنا بعض جلساتها.
وكان لإيران حضور من خلال الورقة التي ألقاها محمد علي أبطحي، نائب الرئيس للشؤون القانونية والبرلمانية، بعنوان "ايران والعلاقات الدولية: التأثيرات في الاستقرار السياسي في منطقة الخليج".
ومما لفت أنظارنا في ثنايا الورقة، عندما وضع التطرف في سلة واحدة، حيث ذكر أنه في الحركة المتطرفة الإسلامية مجموعة بن لادن، وفي الحركة المتطرفة اليهودية مجموعة شارون، وفي الحركة المتطرفة المسيحية مجموعة بوش.
هكذا جعل من بن لادن وشارون وبوش أضلاعا ثلاثة لمثلث التطرف، وهذا الحديث لم يطرح من البعد الديني المحض، بل من الرؤية السياسية، وهو ما يدل عنوان الورقة عليه "ايران والعلاقات الدولية".
فلو طبقنا ذات المفهوم على الوضع الداخلي الذي كان المحاضر يبذل قصارى جهده للتهرب من الإجابة على الأسئلة التي كانت تصب جام اهتمامها بالإشكالية التي تتعلق في الصدام بين المحافظين والاصلاحيين، فإن الثورة في ايران وما ترتب عليها وفق هذا المنظور تعد تطرفا حسب ميزان التطرف الدولي كذلك وليس الديني.
فموقف ايران من الجزر الإماراتية المحتلة وإصرار المحاضر على استخدام وتكرار مصطلح الخليج الفارسي وعدم اعترافه بوجود العرب على ضفتي الخليج وتبرير ما يدور في الداخل الإيراني بالملكية التي كانت تحكم المجتمع طوال 2500 عام وعلى أساسها قامت الثورة بتدمير البنية الأساسية لتلك الفترة دون أن تبني عليها شيئا أفضل منها إلى الآن. ففي أي علاقة دولية هناك قاعدة تحكم سياسة الموازنات بين أضلاع التطرف الذي وضع كل العالم المتقدم والمتأخر والغائر في الاحتلال في بؤرة واحدة وهو ما لا تحتمله أسس التعامل الدولي بين الشعوب.
من هنا، كيف يمكن اختراع شيء جديد اسمه "التدين المتزامن مع التسامح" ومن صاحب هذا المشروع؟ وهل يمكن اعتبار ايران نموذج الجمهورية الايرانية مسودة مقدمة للعالم المتقدم ليرى حقيقة الاسلام المعتدل تمشي على الأرض؟
إن التعامل مع " التطرف" من الناحية الأمنية فقط مبني على أساس أنه جريمة يعاقب عليها القانون الدولي وغير الدولي المتمثل في نموذج سجناء "جوانتانامو" . فالتطرف لا يحل بطريقة واحدة ولو استخدم في ذلك الأيادي الحديدية أمنية كانت أم عسكرية. والكلام المنمق عن الاسلام المتسامح لا يجدي حتى يتحول إلى أنموذج عملي تتبناه دولة في مقدورها تطبيق ما تؤمن به، دون أن تدخل الآخرين إلى ساحة الاتهامات الأمنية والقوائم السوداء التي بدأت تنشر الرعب في قلوب الغافلين ويؤخذون بجريرة التطرف وهم منها براء.
فالتعاون الذي أشار إليه " الأبطحي " مع أميركا في أفغانستان يدخل في هذه الجدلية عن مثلث التطرف الذي لم تكافأ عليه الحكومة الايرانية وكان جزاؤها منه جزاء سنمار, لأن الجميع يخشى الوقوع فريسة هذا المثلث المتطرف، ولو لم يوجد أي دليل عليه.