Japan Review of International Affairs: سياسة يابانية جديدة


تضمن العدد الأخير من دورية Japan Review of International Affairs مجموعة من التقارير التحليلية من خلالها يمكن الوقوف على وجهة نظر طوكيو في العديد من القضايا الدولية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدورية تصدر كل ثلاثة شهور عن "المعهد الياباني للشؤون الدولية" في طوكيو. وتحت عنوان "مرحلة جديدة في السياسة اليابانية" لفت "هيروشي ناكنيشي" الانتباه إلى أن طوكيو تتلمس طريقها نحو استراتيجية جديدة لتستبدل بذلك استراتيجيتها القديمة المتمثلة في "دبلوماسية القوة الاقتصادية العظمى" وهي استراتيجية وظفتها اليابان خلال السنوات التي حققت فيها نمواً اقتصادياً مرتفعاً. ويبدو أن تحرك اليابان في اتجاه ما أسماه الكاتب بنظرية "الحرب العادلة" يأتي نتيجة الاعتراف بالحاجة إلى استخدام القوة لمواجهة ظروف معينة خاصة في عصر الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل وهو ما يشكل تحدياً على العالم مواجهته. وحسب الكاتب، فإن تجديد النظريات والسياسات لا يقتصر في اليابان على السياسة الخارجية فحسب، بل تحتاج اليابان إلى استراتيجيات جديدة في مجال الاقتصاد، حيث يتعين على اليابان انتهاج سياسات إصلاح اقتصادي تستطيع بقية دول العالم الاقتداء بها. ويجب على طوكيو أن تجعل الاستثمار في الدول النامية هدفاً استراتيجياً كي تحصد من ورائه مكاسب جمة. وتحت عنوان "إصلاح مجلس الأمن" وصف القنصل العام الياباني في ألمانيا "تاكاهيرو شينيو" التركيبة الحالية لمجلس الأمن بأنها تعكس الواقع الجيوسياسي الذي كان عليه العالم منذ خمسين عاماً، ومن ثم يتعين إصلاح المجلس ليتوائم مع المتغيرات الدولية الجديدة. الكاتب أشار إلى أنه بعد انتهاء الحرب الباردة ظهرت محاولات لإصلاح المجلس بيد أن تنازع المصالح بين الدول الكبرى حال دون تنفيذها. ومن بين اطروحات الإصلاح ثمة دعوة إلى تغيير نظام اختيار الأعضاء الدائمين في المجلس بحيث يستند على معيار عدد السكان والقوة الاقتصادية واعتبارات التوازن الإقليمي. وبخصوص اتفاقيات مناطق التجارة الحرة في منطقة شرق آسيا كتب "فوكوناري كيمورا" تقريراً تنبأ خلاله بأن اتفاقات التجارة الحرة في منطقة شرق آسيا ستعيد تشكيل اقتصاديات هذه المنطقة وستزيل الحواجز القائمة بين دولها، غير أن إزالة القيود التجارية سيجبر القطاعات الصناعية التي تتمتع بحماية مفرطة من قبل الدولة إلى إعادة الهيكلة، لكن من الصعب تبرير رفع هذه الحماية عن قطاعات يابانية حساسة كالزراعة مثلاً. وبما أن مناطق التجارة الحرة ستنشط القطاعات الصناعية على مستوى العالم وبما أن هذا القطاعات تشكل ملمحاً رئيسياً لاقتصاديات منطقة شرق آسيا، فإنه يتعين على اليابان أن يكون لها قصب السبق في ضمان نجاح اتفاقات التجارة الحرة التي تم إبرامها بين دول هذه المنطقة الواعدة.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


"المستقبل العربي": الديمقراطية والأيديولوجيا وحرب العراق


في العدد الأخير من مجلة"المستقبل العربي" نطالع دراسة مستفيضة بقلم إيليا حريق، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أنديانا بالولايات المتحدة الأميركية· وفي هذه الدراسة، التي حملت عنوان "التراث العربي والديمقراطية:  الذهنيات والمسالك" يجيب الكاتب على التساؤل عما إذا كان في نمط الشخصية ا لعربية أو التراث العربي بتجلياته السيكولوجية، معوقات أصيلة تحول بين العرب المعاصرين وبين الديمقراطية؟
ويرى الكاتب أن المفكرين العرب الذين يرون في الذهنيات الثقافية والأيديولوجية، سبباً لضعف الديمقراطية أو لغيابها في مجتمعاتنا، يدينون بدرجة عالية إلى مبدأ الحتمية التاريخية· وهو يبين من خلال كتابات اسحاق الخوري وعبدالله حمودي وهشام شرابي، كيف أن مسبقة أساسية تمثل مصدراً لأحكام التخلف والجمود وألوان التحقير الأيديولوجي في تلك الكتابات حول المجتمع العربي، وتلك المسبقة السائدة هي القول إن الذهنية السلطوية في المجتمع العربي تشكل عائقاً مانعاً لقيام النظام السياسي الديمقراطي· ولكن إيليا حريق يرى أنه رغم أن الذهنية السلطوية لا تيسر قيام الديمقراطية، فهي لا تشكل مانعاً قاطعاً لها، والدليل هو أن الشخصية السلطوية كانت شائعة في مجتمعات نظامها السياسي ديمقراطي لكنها لم تمنع من إقامة الديمقراطية ولم تؤد إلى إزالتها·
وفي دراسة للدكتور رياض القيسي، حول "القانون الدولي الإنساني وتجربة العراق مع الأمم المتحدة في حرب الخليج لعام 1991" يحدد الكاتب مفهوم القانون الدولي الإنساني بالقول إنه فرع من القانون الدولي يضم مجموع القواعد القانونية التي أوحى بها الشعور بالإنسانية، والتي تنصب بالأساس على حماية الفرد وقت الحرب، ثم يقسمه إلى قسمين: "قانون جنيف" و