... المخاوف والهواجس بل الكوابيس التي تسري في أوصال المجتمع الدولي ، وتقض مضاجعه وتقلق لياليه وأيامه منذ انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي ومنظومته في نهاية القرن الماضي ، وتتعلق أساسا باحتمالات تسرب أسلحة التدمير الشامل ، بمختلف صنوفها ، ووقوعها في أيدي نظم سياسية وحكومات غير مسؤولة ذات سجل مخز حافل بالمغامرات والانتهاكات والاخفاقات والخيبات ، وجماعات ذات نزعات إجرامية متأصلة ، وعلى رأسها الجماعات الإرهابية ، ما تزال ماثلة للعيان ولم تختف بعد ، حيث زادت مساحاتها وتوسعت مجالاتها إلى الحد الذي ينذر بعهد جديد من الرعب النووي والجرثومي والكيماوي ، لن تنجو منه أي بقعة في العالم ، ما لم تبذل جهود استثنائية حالا ومن دون إبطاء من قبل كافة الدول والمنظمات المعنية بأمر السلام لدرء هذا الخطروإزالة شبحه من على وجه الأرض ·
إن التقارير المتواترة والمنهمرة بلا توقف من مصادر عديدة في مختلف أنحاء العالم حول سعي بعض الحكومات والمنظمات المشبوهة لشراء واستقطاب بعض علماء أسلحة التدمير الشامل ، والحصول بصورة غير مشروعة على مكونات هذه الأسلحة وعلى التكنولوجيا اللازمة لتصنيعها ، تثير القلق وتبعث على الخوف وتدق ناقوس الخطر إلى كارثة محتملة يمكن أن تدهم العالم في أي مكان وتباغته في أي وقت ، ففضلا عن عدم توفر خبرات ووسائل نقل وتخزين هذه المهربات الخطرة ناهيك عن طرق تصنيعها واستخدامها ، فإن تكلفتها الباهظة تظل خصما على بنود القوت اليومي والمتطلبات الأساسية للانسان ، ورصيدا جديدا يضاف إلى الأرصدة المتراكمة من الفقر والتخلف والتطرف التي تنوء من ثقل ووطأة حملها غالبية المجتمعات في العالم اليوم ·
... مواجهة هذا الخطر الوشيك ليست من مسؤولية هذه الدولة أو تلك ، وإنما من صميم مسؤولية المجتمع الدولي بأكمله ، ويتساوى في ذلك الكبير والصغير ذلك أنه خطر شامل وماحق ، لن يوفر أو يستثني أحدا من نتائجه الكارثية في حال وقوعه ، وهو أمر ليس مستبعدا في ضوء ما يكشف عنه كل يوم من تسربات مروعة عن حصول هذا واقتراب ذاك من تصنيع وامتلاك أسلحة التدمير الشامل.