يبدو أن العراق يتجه الآن نحو معركة حقيقية ليست عسكرية هذه المرة, بل هي معركة سياسية تتلخص في التحول إلى نظام ديمقراطي ليطوي العراقيون عقوداً من الديكتاتورية والظلم. بيد أن طموحات العراقيين ستصطدم مع الخطط الأميركية المتمثلة في نقل السلطة لحكومة عراقية موالية لواشنطن بغض النظر عن الطريقة التي ستصل بها هذه الحكومة إلى الحكم. التظاهرات العراقية الأخيرة التي اجتاحت شوارع بغداد ومناطق عراقية أخرى تؤكد على أن العراقيين هم الجهة الوحيدة التي ستضمن بقاء أي حكومة عراقية وطنية. لكن قبل أن يفكر العراقيون في آليات ووسائل من خلالها يمكن تحقيق الديمقراطية يتعين عليهم توحيد صفوفهم والتخلي عن النعرات الطائفية والعرقية حتى لا يلعب الأميركيون على وتر "فرق تسد" لاستمالة طائفة أو إثنيه عراقية على حساب الطوائف والإثنيات الأخرى.
وليعلم العراقيون جيداً أن الديمقراطية لن تفرض عليهم من الخارج، بل هم الجهة الوحيدة المستفيدة أولاً وأخيراً من تدشين نظام ديمقراطي قادر يمتلك مقومات البقاء.
ومن الضروري أن ينجح العراقيون في إجراء انتخابات عامة في يونيو المقبل حتى لا تكون هناك ذريعة أو مبرر لبقاء قوات التحالف في بلاد الرافدين، ذلك أن استمرار الوجود الأجنبي في العراق سيؤدي إلى تدهور الحالة الأمنية التي تعطل بدورها أي مشروع سياسي وطني سواء ما يتعلق بصياغة الدستور العراقي أو تشكيل حكومة عراقية جديدة.
عمر محمود - أبوظبي