ظهرت خلال الآونة الأخيرة بعض الدعوات التي تطالبنا بالتبرؤ من ادعياء العروبة والإسلام وإهمالهم، على اعتبار أنهم مناصرون للأنظمة الديكاتورية التي تنتهك الحقوق والحريات. هذا الإهمال استغلته الآلة الإعلامية الغربية، والصهيونية بالتحديد، لتشويه الصورة العربية. إضافة إلى ذلك فقد وضع الغرب كل حركات التحرر والأحزاب الإسلامية دون تمييز في كفة الإرهاب، وصور النضال الفلسطيني ضد إسرائيل بأنه إرهاب، وأصبح كل عربي يدافع عن حقه إرهابيا.
بالمقابل، وبالطريقة نفسها فقد دأبت وسائل الإعلام الغربية على إظهار الوجه المشرق لإسرائيل وعملت على تنقية صورتها في الفكر الغربي، من خلال تصوير إسرائيل على أنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأظهرت اليهودي على أنه مسكين يريد العيش بسلام، وأنه يدافع عن نفسه، وكان ذلك واضحاً من خلال دعوات الرئيس بوش المتكررة بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، مستغلة بذلك حالة الاضطراب الأمني داخل الأراضي الفلسطينية، وهذا أدى إلى التغطية على الكثير من الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين من حالات الابعاد القسري للفلسطينيين.
إذن فالمشكلة كلها، باتت تتلخص بالكيفية التي تتم فيها تغطية القضايا العربية إعلامياً، وبالطريقة التي يجب اتباعها لتنقية صورة العربي لدى الغرب، فهو أصبح إرهابياً أينما يتحرك، وهذه المشكلة الحقيقية بتقديري. فالغرب بات يفهم نفسياتنا وطريقة تفكيرنا التي أصبحت تعاني من القصور الذاتي، وهذا ما سهل عليه احتراف تشويه صورة العربي، وها هو الآن يطالبنا بتغيير كل شيء لدينا اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وفكرياً حتى حياتنا الخاصة داخل بيوتنا. لذا فنحن مطالبون الآن بإعادة صياغة نظرياتنا الإعلامية والفكرية لمواجهة الحالة التي وضعنا فيها الغرب وإلا فسيكون مصيرنا الهلاك والإنسلاخ عن عروبتنا الحقيقية للتحول إلى مغتربين غير مقبولين في المجتمع الغربي.
غسان خروب - فلسطين