وقفت ليبيا دائماً في وجه الطغيان الاستعماري ودفعت في سبيل ذلك الكثير، إلا أن يداً واحدة لا تصفق والوقوف في وجه التيار لهو أمر صعب ومكلف· وبعد التحولات الدولية التاريخية التي حدثت بعد الحادي عشر من سبتمبر واحتلال العراق كان لابد من مراجعة كل السياسات التي اختطتها الجماهيرية على الصعيد الخارجي ما دفع طرابلس الغرب نحو تبني سياسات أخرى تتماشى مع الوضع الراهن· فكل الإشارات أصبحت تدل على أن ليبيا والقذافي على خريطة التغيير الأميركية، ولأن ليبيا ليست بقوة العراق سابقاً فقد وجدت أن تتخلى عن سياسة المواجهة وتتبنى سياسة المهادنة إلى حين تتغير الظروف الدولية·
أعتقد أن ليس من حق أحد فرض رأيه وأفكاره على الجميع وأن يحاكم الناس بما يمليه عليه الهوى· لقد أحسسنا بغصة حينما أعلنت ليبيا تخليها عن برامج امتلاك أسلحة الدمار الشامل· لكن يجب أن نفكر بعمق لكي نجد العذر للجماهيرية، فهي لا تستطيع أن تبقى الوحيدة التي تغرد خارج السرب وتدفع ثمن مواقفها القومية، فكل دولة تختط الطريق الذي يوصل لمصالحها ويجنبها العداء والدمار· فلنكن واقعيين موضوعيين في تقييمنا ولنتذكر أن الطائرات الأميركية استهدفت بيت القذافي ودمرته تماماً، ولنتذكر أن ليبيا كانت ولا تزال أشد المناوئين لإسرائيل وللخطط الاستعمارية، ولنتذكر أن ليبيا قدمت عشرات الآلاف من أبنائها لكي تنال استقلالها، ولنتذكر أن دولة أنجبت عمر المختار وانجزت النهر الصناعي العظيم ودعمت حركات التحرر في كل العالم، لا يجب أن تقابل بهذا الهجوم وأن نجد لها كل عذر·
عبدالله خالد العجلوني - دبي