ثار الجدل حول الحجاب مرة أخرى، منذ أن أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك، أوائل الشهر الماضي، عن مشروع قرار يمنع ارتداء الحجاب وكافة الرموز الدينية في المدارس الفرنسية، حفاظا على الطابع العلماني للجمهورية الفرنسية ومؤسساتها العامة. وبقدر ما ثار جدل داخل فرنسا حول التجاوز الذي ينطوي عليه مشروع القانون إياه بحق الحريات الشخصية المكفولة بحكم الدستور الفرنسي ذاته، انقسمت الآراء أيضا داخل العالم العربي وفي الجالية الإسلامية في فرنسا حول الموقف من المشروع وتقييمه. وقد أخذ الجدل في العالم العربي بعدا جديدا حين أعلن شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي تأييده لخطوة الرئاسة الفرنسية، قائلا إن لفرنسا كل الحق في سن ما ترى ضرورة لسنه من قوانين. وبينما أيد (التنويريون) العرب موقف السلطات الفرنسية، وما ذهب إليه شيخ الأزهر من تأييدها، اعتبر طيف واسع من الشارع العربي أن الغرب، ممثلا في فرنسا هذه المرة، يقع في المحظور الذي عابه سابقا على نظام (طالبان( حين منعت السفور على النساء في أفغانستان. ورأى أولئك أن مشروع القانون الفرنسي يستهدف الحجاب بالأساس وليس الصليب أو القلنسوة اليهودية، على اعتبار أن ذينك مجرد رمزين بينما الحجاب هو واجب شرعي، كما يقولون.
وبغض النظر عن المضمون الأيديولوجي لذلك الجدل حول الحجاب في بداية القرن الواحد والعشرين، فإنه يرسم فجوة أخرى بين النخب العربية والشارع العربي، بقدر ما يكشف تحولا جذريا في مسألة الحجاب والسفور، والتي كانت دعواتها التحررية، في العالم العربي أوائل القرن الماضي، جزءا من الحرب على الاستعمار والتبعية والتخلف.
نمر العنزي - الكويت