ألم يكن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح محقا تماما، عندما قال: (فلنحلق شعورنا قبل أن يحلقها لنا الآخرون)؟
إنه بذلك ربما يلخص شعورا مشتركا لدى أغلب القادة العرب، ومرده الدرس القاسي الذي انطوى عليه احتلال العراق، ثم الرسالة الأقسى في مشهد رئيسه صدام حسين وهو أسير ذليل في قبضة الجيش الأميركي. إن حدث الغزو الأميركي للعراق، هو حدث أجل شأنا وأوسع تأثيرا وأبلغ معنى من أن يمر دون أن يحدث أثره على نخب الحكم واستراتيجياتها في العالم العربي. وانطلاقا من حالة نظام صدام حسين الذي تيسر للأميركيين إزاحته بسهولة وسرعة فائقة، ليس فقط بسبب تفوقهم العسكري والتكنولوجي المطلق، ولكن أيضا نتيجة لواقع الجبهة العراقية الداخلية التي أضعفها استبداد صدام حسين، فان المغزى أو العنوان الأساسي الذي يفرض نفسه حاليا في قلب المشهد العربي عامة، هو مطلب الديمقراطية ثم الديمقراطية ثم الديمقراطية.
ومع استمرار الازدواجية اللصيقة بين القول والممارسة في السياسات الرسمية العربية، يتساءل المرء: هل انعقاد مؤتمر الديمقراطية وحقوق الإنسان في اليمن، هو إشارة تحول حقيقي نحو تنقية الديمقراطية اليمنية من تجاوزاتها؟ وهل تترجم الحكومات العربية كوابيس الحلاقة بيد عمرو لا بأيديها، إلى نظام ديمقراطي ينقلها من أنظمة القرون الغابرة إلى عالم القرن الواحد والعشرين؟
علي ماهر - الأردن