نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مؤتمره السنوي خلال الاسبوع الماضي في العاصمة أبوظبي، وقد أحسن المركز في التركيز على مستقبل الخليج لأن الفترة الماضية شهدت العديد من التطورات التي قد تعيد رسم خريطة المنطقة عالميا· وقد أجاد معالي أحمد حميد الطاير وزير المواصلات في الدولة عندما بدأ أولى جلسات المؤتمر بقوله إن الاسلام هو بداية التاريخ في الخليج، فمنطقتنا هي مهبط الوحي الذي شع نوره في المعمورة دين بناء لاهدم ومعتقد اصلاح لا خراب· ثم ذكر معاليه أن اكتشاف النفط هو المتغير الثاني في المنطقة فأضاف الى أهميتها كموقع استراتيجي بعدا اقتصاديا عالميا· ثم عرج معاليه على الأحداث الحالية التي تعيشها المنطقة كمتغير جديد، وأحسب أن التاريخ الذي يصنع في المنطقة بحاجة إلى وقفات لدراسته كي نكون عنصر تأثير لا تأثر، ونطرح الأمور الايجابية في التغيير كي لا تفرض علينا.
وخلال المؤتمر تعرض المشاركون سواء منهم المحليون و الخليجيون أو العالميون إلى العديد من الامور أهمها ماتعرض الى التربية والتعليم و المشاركة السياسية و المرأة وغيرها من المتغيرات، ولعلي في هذا المقال أقف وقفات مهمة مع ما سبق كي نضيف الى مناقشات المؤتمر صفحة من الحوار يقوم بها قراء هذه الصفحة .
ومما ميز المؤتمر كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الاعلام والثقافة حيث تعرض سموه إلى العديد من متطلبات التنمية وأهمها التعليم· في حديثه الصريح إلى واقع التعليم قال سموه، إنه لا يتناسب مع متطلبات العصر الذي نعيشه، ورأى سموه أن تعليمنا وصل بنا إلى مانحن عليه اليوم، لذا فإن المستقبل يتطلب تغيرا جوهريا في تعليمنا· هذا التطوير ينبغي أن يشمل إدارة التعليم فليس من المستساغ اليوم ادارة التعليم مركزياً في التخطيط والتنفيذ· ومن الأمور المهمة في إصلاح التعليم اعتباره حرفة بحاجة إلى تخصص كما هو شأن العديد من المهن اليوم· فلايقبل أن تدار القوات المسلحة من قبل من ليس له إعداد مناسب، ولا الصحة وكذلك التعليم فهو علم له تخصصاته المختلفة التي من اللازم إعداد أبناء هذه الدوله كي يكون الانسان المناسب في المكان المناسب. ومن أهم أزمات التعليم في وطننا العربي بشكل عام أزمة المالية· فالتربية والتعليم في صراع طاحن بين طموحات التخطيط وعقبات التنفيذ والتي يأتي المال على رأسها· ومن العقبات المالية المهمة توظيف المال العام المخصص للتربية بصورة أدق مما هو عليه اليوم· فنصيب المدرسة من الميزانية قليل إذا قورن بما ينفق على الأمور الادارية التي لا تخدم الميدان بصورة مباشرة. ومما يرتبط بالتعليم كذلك أزمة المنهاج· فهناك فجوة واضحة بين المنهاج المخطط له على الورق والمنهاج الواقعي الذي يدرس في المدارس و المنهاج كمخرج تعليمي يمكن قياسه عند المتعلمين· هذه الفجوة آن لها أن تردم كي يكون ما يخطط له هو ما ينفذ ويقاس في سلوك المتعلمين· ولو أردنا الحديث عن أزمة التعليم لطال بنا المطاف فهو بحاجة إلى تطوير دون تجاوز لثوابتنا وقيمنا ومبادئنا .
أما المحور الثاني الذي لفت انتباهي في المؤتمر فهو الدور المطلوب من المرأة في المستقبل· وتعالت في المؤتمر أصوات مساواتها بالرجل· ومن حيث المبدأ فكلنا يجمع على أهمية المرأة كعنصر مهم في مسألة التنمية وبالذات بعد أن نالت حظها من التعليم· ففي الخليج تزايدت أعداد النساء المقبلات على التعليم العالي حتى جاوزت كل الطموحات ولكن أحسب أن المساواة ليست هي المطلوبة، بل العدالة في التعامل مع قضايا المرأة· وكي أفسر مقولتي حتى لا تفهم خطأ أقول لو أن لي طفلين أنثى عمرها عشرون سنة وذكراً في الخامسة من عمره فان المساواة تقتضي أن أعطي الذكر مئة درهم في الشهر وكذلك الفتاه و لا أحسب أن هذا هو المطلوب فعندها ستظلم المرأة لو ساويناها بالرجل في كل شيء بل المطلوب العدل في التعامل مع قضايا المرأة .
وأما المحور الثالث في المؤتمر فهو الديمقراطية والشفافية في التعامل مع الانسان في الخليج· وقد استعرضت العديد من التجارب و التحديات في هذا الاطار فما هو شكل الديمقراطية المناسبة مع الواقع السياسي و الاجتماعي والتاريخي للخليج؟ هل هي قاعدة صوت واحد لكل انسان أم أن الخليج بحاجة إلى معادلة أخرى؟ وفي الختام ومع شكري لمركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية فإنني أتمنى من المسؤولين عنه تخطيط منتدى خاص نركز فيه على القضايا التي دار حولها المؤتمر لكن بنفس امارتي فلنا واجب نقدمه لمجتمعنا وهو أن نتفاكر جميعا في مستقبله .