في السياسة العربية مجال واسع لشماتة العرب بعضهم ببعض. وإذا ما كان التفاوض مع الإسرائيليين غاية قصوى قد يحسد بعضهم عليها البعض الآخر، فانه مما يدعو إلى التأمل والعظة أنه بعدما ظلت سوريا تحذر الأطراف العربية من أنه يجب التمسك بمسار واحد للتفاوض مع إسرائيل، هاهو المسار الذي اختارت المضي فيه (منظمة التحرير الفلسطينية)، يصل بالقضية الفلسطينية إلى طريق مسدود، بينما تعود الآمال في تحريك المسار السوري وفقا للشروط التي حددتها دمشق. فقد راح عرفات من وراء ظهر الغالبية ووقع اتفاق أوسلو الذي تبين أن كل وعوده كانت قشرة العسل التي تغطي السم في باطن الكعكة. أما الرئيس بشار الأسد فحسب جيدا كل خسائره من وراء استعادة الجولان مقابل تنازلات تمس السيادة السورية، وأدرك أنه من الخطٌأ شراء جزء من السيادة بالتنازل عن جزء آخر. وحتى إن كانت سوريا اليوم تواجه مخاطر انضغاطها بين السندان الأميركي والمطرقة الإسرائيلية، فإن امساكها عن تقديم تنازلات جوهرية خلال المفاوضات السابقة، سيقوي موقفها في أي مفاوضات قادمة بينها وبين الإسرائيليين. أما عرفات المحاصر فمشكلته أنه لم يدخر أي تنازل لشراء العبور من مرحتله الحالية. فعسى السوريون أن لا يشمتوا به وهو على ذلك الحال، في الوقت الذي يلح الإسرائيليون في دعوة بشار الأسد إلى التفاوض ويتمنون عليه زيارة لتل أبيب.
علي محبوب - بريطانيا