يوم الاثنين المقبل، سيكون لدى السكرتير العام للأمم المتحدة (كوفي أنان) الفرصة كي يلعب (دورا حيويا) في العراق كانت الولايات المتحدة قد وعدت به من قبل. وسوف يقوم الممثلون العراقيون والأميركيون والبريطانيون بالتوجه جماعة إلى مكتبه في مقر الأمم المتحدة في نيويورك حاملين طلبا وهو أن يقوم بإخبار الزعيم الشيعي (آية الله على السيستاني) مفاده أن المنظمة الدولية تدعم وضع جدول زمني معقول للانتخابات العراقية، ولا تحبذ إجراء انتخابات سابقة عن موعدها الملائم .
وفي حين أن الأمم المتحدة سوف تثبت بهذه الطريقة فائدتها في عملية بناء الأمم، فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها مواجهة بمهمة حساسة ودقيقة وهي: إقناع أكراد العراق بعدم المطالبة بقدر كبير من الحكم الذاتي، يمكن أن يعرض وحدة الدولة العراقية للخطر. فيما يلي بيان بالأشياء التي ندين بها للأكراد العراقيين الذين كانوا هدفا للمذابح الجماعية، وعلى رأسها مذبحة (حلبجة) التي قتلت فيها أسلحة صدام الكيماوية خمسة آلاف من الأكراد الأبرياء:
1- إننا تركنا الأكراد في سبعينيات القرن الماضي تحت رحمة (الشاه)، وذلك عندما وضع الملا مصطفى البرزاني ثقته في أميركا. وبعد ذلك خدعناهم مرة ثانية في أعقاب حرب تحرير الكويت، عندما ثارت قواتهم بناء على تحريضنا كي تقوم الطائرات العمودية لجيش صدام حسين بتمزيقهم إربا إربا. وعلى الرغم من ذلك الخداع المزدوج، فإن الأكراد حاربوا إلى جانبنا بمعدات قليلة وشجاعة كبيرة ضد نظام صدام لعقد كامل من الزمان بعد ذلك.
2- بعد أن قمنا بحماية السكان غير العرب في (منطقة حظر الطيران)، استطاع الأكراد التخلص من نزاعاتهم القبلية، وتأسيس مشروع ديمقراطي حر وفاعل في منطقة شمال العراق، أصبح الآن نموذجا يحتذى للحرية من قبل باقي مناطق الدولة العراقية.
3- على رغم الخسائر التي منيت بها القوات الأميركية أو قوات الدول الحليفة في باقي مناطق الدولة، فإنه لم يحدث أن لقي أميركي واحد مصرعه غيلة في المنطقة التي يطلق عليها اسم كردستان العراقية، والتي تحرسها ميلشيات البشمرجة الكردية المتمرسة على القتال والحرب.
هذا ما ندين به نحن الأميركيين للأكراد. ومن ناحية ثانية فإن الأكراد يدينون لنا بالكثير كذلك ومنه: إن القوات الجوية الأميركية والبريطانية، التي كانت تنطلق من قواعد في تركيا، قد قامت بتأمين الأكراد العراقيين وحمايتهم من هجمات جيش صدام حسين لعقد كامل أو يزيد من الزمان، وذلك قبل أن نقوم العام الماضي بتحرير الشعب العراقي برمته من حكم ذلك الطاغية للأبد. في الوقت الراهن يحتاج كل من الأميركيين والأكراد أن يفهموا بعضهما بعضا، ويتفهموا أوضاعهما كذلك. يجب على الأكراد أن يفهموا أن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة ببناء عراق موحد، والقضاء على كافة احتمالات تمزقه وتشرذمه، وضمان تمثيل جميع فئاته وفقا للتوزيع الجغرافي ، وليس وفقا للتوزيع العرقي. يجب على الأكراد أيضا أن يفهموا أن من حقهم فقط التمتع بالحكم الذاتي داخل فيدرالية عراقية، وبالتالي الامتناع عن إعلان الاستقلال، مع قيامنا نحن في نفس الوقت بالعمل على توفير الضمانات الدستورية والأمنية التي تضمن أنهم لن يكونوا ضحية للطغيان والاستبداد من قبل الغير مرة ثانية.
(لن يكون بمقدورنا تحمل وقوع (حلبجة) أخرى) .. هذا ما يقوله (برهان صالح) الكردي المفوه الذي لا شك أنه سيكون خير ممثل للعراق في الأمم المتحدة. ويضيف (برهان) إلى ذلك قوله: (مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة تدرك قيمة حقوق الدول، ومما لا شك فيه أيضا أنها تتذكر كيف أنه كان يتعين على كافة الدول المصادقة على دستورنا). قد لا يكون هناك تناقض أو صراع بين التزامنا بوحدة العراق وحق الأكراد في الحكم الذاتي، ولكن يجب أن نقر أيضا أنه ليس هناك وفاق بين الاثنين. فعلى رغم أن العرب العراقيين سوف يكونون راضين عن استمرار الأكراد في إدارة شؤونهم الذاتية في المنطقة التي كانت تعرف فيما سبق بمنطقة (حظر الطيران)، فإن الكثيرين منهم يرون احتمالا لوقوع اضطرابات في الأراضي الكردية الأخرى التي استولى عليها صدام حسين، بعد أن طرد الأكراد من ديارهم ونقل إليها جماعات من مؤيديه وأنصاره في إطار حملة لـ(تعريب) تلك المناطق. مفتاح ذلك هو مدينة (كركوك) التي يعتبرها أكراد العراق عاصمة لهم، على رغم المعارضة الشديدة لذلك من العرب الذين تم توطينهم في المناطق الكردية، ومعارضة التركمان وهم من السكان الأصليين لتلك المنطقة.. ينطبق ذلك أيضا على تركيا، التي تشعر بالقلق من احتمال قيام منطقة كردستان العراقية الغنية بالنفط باجتذاب أكراد تركيا، وخصوصا أن كركوك ترقد على (محيط من النفط) يضم 40 في المئة من المخزون العراقي النفطي الضخم.
يؤكد (برهان صالح) المصر على إلغاء آثار حملة التطهير العرقي التي قام بها صدام على أن (مسألة كركوك لا تتعلق بالنفط فقط) . وعندما اسمع ما يقوله فإنني أتذكر عبارة قالها السناتور (ديل بامبرز) أثناء استجواب الرئيس السابق بيل كلينتون وه