يفتح مؤتمر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي بدأ أعماله أمس الأول في العاصمة أبوظبي تحت عنوان ''الخليج.. تحديات المستقبل '' نافذة مهمة للحوار والإطلاع على وجهة نظر الآخر وما يدور من حولنا في هذا العالم ، لا سيما وأن المشاركين في المؤتمر جاءوا من زوايا مختلفة من العالم ومنهم من يعتبر من صناع القرار وأصحاب الفكر والمعرفة وما يساهمون به بالتأكيد يعبر عن رؤية مستنيرة للمستقبل في ظل حاضر يشهد تحولات جذرية وتبدل مفاهيم وقيم تصل إلى 180درجة في بعض التوجهات ،وتبني رؤى جديدة تنسجم مع النظام الدولي الجديد أحادي القوة.
قراءة المستقبل بناء على معطيات الحاضر أمر مطلوب وضروري ،وقد لفت الفريق الركن طيار سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب ولي عهد أبو ظبي رئيس أركان القوات المسلحة في كلمته المقتضبة التي افتتح بها أعمال المؤتمر أمس الأول إلى زاوية مهمة عندما أكد على أهمية تفعيل الحوار بين الشعوب والحكومات في المنطقة وان دول التعاون قادرة على مواكبة تطورات العصر والمساهمة في التطور ،مشيرا إلى التحديات والمخاطر الجسيمة التي تؤثر في واقع المنطقة وتعيد رسم خريطتها المستقبلية.
قلة من الدول قرأت رياح التغيير وتبنت منذ وقت مبكر سياسات واقعية ومنطقية لا تحدث اختلالات في البنية الاجتماعية والسياسية ولا تخل بالثوابت ،ولا نبالغ إذا قلنا إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كانت من الدول التي أحسنت قراءة المستقبل وإن كان ذلك بدرجات متفاوته ،ودولة الإمارات العربية المتحدة انطلاقا من سياستها الثابتة والواقعية قدمت نموذجا رائدا في التطور والتحدث بلغة العصر وان النظام السياسي والاجتماعي في الإمارات يعمل وفق منظومة متكاملة تصهر كل الإمكانيات المتاحة في سبيل رفاهية الشعب ومشاركته في صناعة القرار السياسي عبر مؤسسات وطنية ،وسياسة خارجية تدعم ثوابت الدولة وترسخ مكانتها ومصداقيتها ·والتفاؤل الذي أبداه الفريق الركن طيار سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مبني في الأساس على هذه الثوابت المعاشة والواقعية التي أرساها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله''الذي جعل من الإمارات نموذجا يحتذى في مواكبة التطور والتغيير والاستقرار والتلاحم بين القيادة والشعب والتحدث بلغة العصر.
المستقبل يحمل الكثير من التحولات ولابد من تعزيز المناعة في وجه هذه التحولات ،والأجندة العربية والخليجية تحمل الكثير من الأفكار والمشاريع الجديدة بدءا من المناهج التعليمية والتربوية ووصولا إلى دور المرأة في المجتمع ولكن المهم في هذه المسيرة الا تكون هناك خطوات تحرق المراحل ولا يستوعبها المجتمع حتى لا يحدث الخلل، وان تثق الدول العربية ودول الخليج التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من هذه الأمة أنها تملك كل مقومات التطور والتغيير وفقا لإمكانياتها وقدراتها الهائلة التي تؤثر في العالم وتتأثر به.