فتح جبهة شيراك-ساركوزي على مصراعيها وملامح القذافي (الجديد)!


ركزت مجلات وصحف فرنسا هذا الأسبوع على موضوعات محلية وعالمية، نختار منها في هذه القراءة التجميعية الموجزة: الصراع الذي بدأت بوادره تتضح بين الرئيس شيراك ووزير داخليته القوي نيكولا ساركوزي، وسيولة المواقف التي عرفتها السياسة الليبية خلال الفترة الأخيرة، ثم مظاهر ذوبان الجليد بين الهند وباكستان، وأخيرا أفق تسوية الشرق الأوسط.


خطوط الجبهة حول الأليزيه


جريدة (لوموند) انضمت أخيرا إلى الصحف الساعية إلى تتبع مظاهر (الخلاف) بين الرئيس شيراك ووزير الداخلية نيكولا ساركوزي، الذي يعد الحديث عن طموحاته (الرئاسية) المستقبلية موضوعا أثيرا لدى الصحافة الفرنسية. فساركوزي -تقول (لوموند)- المتربع في مكتبه بميدان (بوفو) الباريسي لا يفصله سوى شارع سانت أونوريه عن قصر الأليزيه، أي أن خمسين مترا فقط تفصل بين الرجلين. خمسون مترا فقط هي خطوط جبهة حرب لن ترحم أحدا بدأت إطلاقاتها الاستهلالية الآن، وتجاوزت مرحلة (التعايش السلمي) ، خاصة أن الرجلين عملا معا بطريقة كفيلة بتحويل (الجوار) إلى صراع مكتمل الأسباب والعناصر. ومهما تظاهر الطرفان بعكس ما هو قائم من صراع، ومهما مثّلا على خشبة الجمهور الفرنسي دور المتفاهمين، فإن حاشية شيراك وحاشية (ساركو) تحولتا إلى حطب للمنافسة وبدأ عناصر كل منهما يتآمرون على عناصر الطرف الآخر. فالأليزيه تعتبر وزير الداخلية ذا طموحات أكثر مما ينبغي، ويتصرف كما لو كان الرئيس المستقبلي، وأحيانا يتعدى على صلاحيات رئيس الجمهورية، الذي يعتبره بمثابة رجل لمرحلة انتقالية تمهد لعهد ساركوزي (القريب) - المجيد في الأليزيه. أما هذا الأخير فقد صرح لأحد المقربين منه بقوله: (الأرجح أن شيراك لا يكرهني، هو قطعا يخاف مني). وتذهب (لوموند) إلى أن حرب النفوذ والبيادق اشتدت بين الرجلين في الفترة الأخيرة، ففي 22 ديسمبر الماضي جمد قصر الأليزيه قرار حركة تعيينات وانتقالات واسعة لحكام المقاطعات والدوائر اتخذه (ساركو)، كما جمد تعيين (حاكم مقاطعة مسلم)، وأثبت شيراك بذلك أنه معجب بديغول بالأقوال فقط ولكنه عندما تأتي الأفعال لا يمتلك شجاعته خاصة في التعامل مع مسلمي فرنسا.


(القذافي الجديد)


صحيفة (لوفيغارو) اهتمت في تغطيتها لاتفاق أسر ضحايا طائرة (اتحاد النقل الجوي) (UTA) مع (مؤسسة القذافي الدولية لحقوق الإنسان) على زيادة التعويضات، بمستقبل العلاقات الليبية الأوروبية، بعد أن تمت إعادة تأهيل طرف دولي جديد على الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط. أما (لوموند) فقد اهتمت بمستقبل النظام السياسي الليبي نفسه، وجاء العنوان: (القذافي الجديد). فالرجل الذي فاجأ العالم -تقول (لوموند)- يوم 19 ديسمبر بقراره التخلي عن أسلحة الدمار الشامل، يذكّر مرة أخرى بقدرته على اتخاذ القرارات الصعبة وفي التوقيت الذي يراه هو مناسبا. فبعد ثلث قرن من تحول ليبيا إلى ميدان تجارب للنظريات الثورية، ومن تحول ذلك الضابط الشاب إلى ثائر عالمي ووحدوي عربي، ينتهي الآن المطاف بليبيا إلى المصالحة مع ألد أعداء الأمس، وبالعقيد إلى حكيم أفريقي يدعو إلى وحدة القارة التي يعتبرها مجال حركته الطبيعي وعمقه الاستراتيجي، إلى آخر ما هنالك. ولكي تمر ليبيا بكل هذه التحولات الجسيمة كان لابد -تقول (لوموند)- من أن تتغير خرائط العالم الجيوستراتيجية، على نحو يحتم التخلي عن مناطحة (الامبريالية) والسعي إلى التعايش السلمي معها. وتسهب الصحيفة طبعا في الحديث عن بعض الصور النمطية المرتبطة إعلاميا بالزعيم الليبي كالخيمة البدوية التي يصطحبها معه في عواصم العالم التي يزورها، وأيضا حارسات العقيد اللواتي تصفهن الصحيفة بـ(الأمازونيات)، (نساء محاربات أسطوريات في الثقافة الغربية)·


 سقوط جدار كشمير


صحيفة (لوموند) خصصت افتتاحية أول من أمس لما اعتبرته بداية ذوبان الجليد بين إسلام أباد ونيو دلهي، إثر زيارة رئيس وزراء الهند الأخيرة إلى باكستان، وترى الصحيفة أن بصمات أطراف دولية عظمى واضحة في التحولات الإيجابية التي تعرفها شبه القارة الهندية الآن، والدليل على ذلك تجرؤ الطرفين على الإعلان عن نوع من (مسح الطاولة) من خلال إعلانهما أنهما سيبحثان من الآن كل القضايا المعلقة وعلى نحو (شمولي)، ما يعني أن ثمة ضمانات قوية من طرف ما جعلت الرئيسين مشرف وفاجبايي يثقان بقدرتهما على تحقيق اختراق في جميع الملفات الشائكة بما فيها ملف كشمير الذي يعد في باكستان تحديدا بمثابة (تابو) لا يمكن التهاون في التعامل معه. أما في صحيفة (لوفيغارو) فقد كتب المحلل السياسي ألكسندر أدلر مقالا حلل فيه مستقبل العلاقات في شبه القارة الهندية منتهيا إلى أن ما يحصل الآن يستحق التصفيق حقا بحرارة من المجتمع الدولي، فهو بمثابة سقوط جدار