تحت عنوان (أميركا دولة خليجية) نشرت (وجهات نظر) يوم الأحد الماضي مقالاً للدكتور طارق سيف،و تعليقاً على هذا المقال أرى أن أميركا تحولت بالفعل إلى دولة من دول العالم الثالث في كل ما مارسته على أرض العراق منذ تحريره. وليس من الغريب الآن أن نسمع عراقيين يتحسرون على أيام صدام حسين بكل قهرها وإرهابها ومقابرها الجماعية، ولهم كل الحق، فماذا استفادوا منذ رحل الطاغية وحزبه؟ هل تحسنت ظروف حياتهم؟ هل توافر لهم الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة؟ هل أمنوا على أرواحهم وحياتهم أم أن عوامل الخوف أصبحت أكثر وأخطر؟ هل تمتع بلدهم بأي قدر من الاستقرار؟ أين ذهبت وعود الديمقراطية وشعارات تحويل العراق إلى مدرسة يتعلم منها العالم العربي الحرية والديمقراطية والتحديث؟ وأين الذين صدعوا رؤوسنا بأن الولايات المتحدة ستجعل من العراق قوة عملاقة كما فعلت بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا واليابان؟ وكيف ينظرون إلى أنفسهم الآن بعد أن (خربوها وقعدوا على تلها) كما يقول المصريون؟
العراق الآن بلا ماء ولا كهرباء ولا وظائف ولا رعاية صحية ولا أمان على الأرواح والممتلكات، وهو مهدد باندلاع فتن طائفية وبالتفتت إلى أجزاء عديدة، وتحكمه هياكل صورية بلا قيمة لا يمكن أن تكون طريقاً إلى الحرية والديمقراطية بل إلى الفساد والطائفية والعجز والتمزق والفوضى· والحقيقة أن وصف أميركا في العراق بأنها دولة خليجية ليس بالوصف الصحيح، ووجه الشبه يقتصر على انتهاك الحريات والانفراد بالقرار وهو أهون وأسهل ما يعانيه العراق، وتظل الدول الخليجية واحات للرفاهية والحياة الرغدة الناعمة بما لا يمكن مقارنته بالوضع في العراق· والأصدق أن أميركا في العراق تحولت إلى دولة (وسط إفريقية) يشيع فيها الرعب والقتل والبؤس والجوع والأمراض الفتاكة، ويحرم فيها البشر من كل ما يربطهم بإنسانيتهم، ويقرر مصيرهم حكام أقرب إلى زعماء العصابات يقودونهم عادة إلى الهلاك المحتوم· هذا هو حال أميركا في العراق
إحسان غسان إبراهيم - أبوظبي