إجراءات أمنية واحترازية عالمية في مطارات العالم· السلطات الأميركية تلغي رحلة الخطوط البريطانية المتجهة من لندن إلى واشنطن مرتين متتاليتين، وتلغي رحلات للخطوط الفرنسية من باريس إلى عدة مدن أميركية، وقد ألغت السلطات الأميركية تلك الرحلات بناء على معلومات استخباراتية تشير إلى احتمال استهدافها من قبل عناصر إرهابية. وفي الوقت نفسه ألغت السلطات البريطانية رحلتها المتجهة إلى الرياض بناء على معلومات أمنية تشير إلى احتمال تعرضها لاعتداء إرهابي. كما اتخذت السلطات في سنغافورة إجراءات شبيهة بالإجراءات التي اتخذتها السلطات الأميركية وألغت عدة رحلات تحسبا لتعرضها لهجمات إرهابية.
تشير المعلومات الأولية إلى أن سبب سقوط الطائرتين اللبنانية في بنين بأفريقيا والمصرية التابعة لشركة (أير فلاش) المصرية التي تحطمت بعيد إقلاعها من مطار شرم الشيخ على البحر الأحمر يعود إلى الفساد· فالأولى تم تحميلها بحمولات إضافية إلى الحد غير المسموح به، وأقلعت وهي تحمل وزنا زائدا يفوق المصرح به بأطنان، والطائرة الثانية كانت تعاني من مشكلات بنيوية في هيكلها، وكانت السلطات السويسرية قد منعتها من، حتى العبور في أجوائها ومنعتها من التحليق في الأجواء السويسرية من قبل بسبب عدم الثقة في سلامتها من الناحية الفنية.
وقال مسؤولو ملاحة جوية سويسريون إنه تم اكتشاف عيوب فنية في الطائرة أثناء إجراء عملية فحص روتيني لها في مطار زيوريخ عام 2002·
والسؤال هنا: كيف سمح للطائرة اللبنانية بالتحميل أكثر مما تحتمل؟ ولماذا بقيت الطائرة المصرية تحلق وتعمل في وقت ثبت فيه أنها تعاني من مشكلات لا تسمح لها بالطيران الآمن؟ من الذي حمل الأولى وزنا أكثر من المسموح به؟ ومن الذي حلق بالثانية عنوة على رغم الخلل الفني فيها؟ والجواب هو الفساد.
يخشى العالم على سلامة الطيران بسبب الإرهاب منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر المروعة، ويقوم بإجراءات لمنع وصول الإرهابيين إلى الطائرات كي لا يتعرضوا لها ويقوموا بتفجيرها بمن فيها، ولكن المئات من القتلى الذين ذهبوا ضحايا الطائرتين المصرية واللبنانية، هم ضحايا إرهابيين من نوع آخر، إنهم إرهابيو الفساد الذين استطاعوا -بصورة أو بأخرى- كسر قوانين السلامة الجوية، وتسببوا بكارثتين جويتين إرهابيتين في أقل من أسبوعين.
كنت أحد المعقبين على ورقة للأستاذ الفضل شلق في ندوة فكرية حول (المستقبل العربي) عقدت الأسبوع الماضي على هامش مهرجان القرين الثقافي، واختلفت مع المحاضر -على رغم احترامي لرأيه- من حيث شمولية نظرته لإصلاح أوضاع أمتنا المتردية، فلقد كان واضحا -برأيي- انتماء المحاضر إلى المدرسة القديمة، التي تنشد الحلول الكبرى لكل مشكلاتنا، والتي اختصرها المحاضر بالوحدة العربية وتحرير فلسطين، وغابت عن ورقة السيد شلق أية إشارة إلى معالجة للفساد المستشري بيننا، مختزلا كل الأشياء في محاربة الخارج - أميركا والصهيونية، ولا أدري ما دخل الصهيونية وأميركا بظاهرة الفساد المالي والذممي المتفشية في زوايا عالمنا بشكل مريع، ولا أدري إن كانت إسرائيل ستمنعنا من محاربة الرشاوى وفساد الذمم.
إن الإرهاب له أشكال عديدة، والإرهاب الإسرائيلي واحد من هذه الأشكال، ولكن إرهاب الفساد قضى على الأرواح والممتلكات وأفسد الذمم ودمر الأخلاق، وهو عامل مهم في تدني أوضاعنا· والفساد الإرهابي حطم طائرتين مدنيتين، وحطم معهما حياة مئات من الأبرياء، فمن يحمينا من فسادنا الإرهابي؟