إن الإعلام الأميركي يفرض تكتماً واضحاً على العمليات المسلحة التي تتعرض لها القوات الأميركية في العراق حتى لا تصل إلى الرأي العام الأميركي الذي ربما يضع إدارة بوش في موقف لا تحسد عليه· ولقد أشارت بعض التقارير إلى أن أكثر من 1700 جندي قد تخلوا عن الخدمة في العراق خوفاً على أرواحهم في ظل غياب الأمن والاستقرار· إن إدارة بوش لا يعنيها أمر الجنود بقدر ما يعنيها تنفيذ الخطة التي جاءت من أجلها واستخدمت أسلحة الدمار الشامل غطاء شرعياً لإعلان الحرب على العراق وهي لن ترحل أو تسلم السلطة إلى العراقيين إلا بعد أن تتأكد من حصولها على ما تريد ويتلخص ذلك في: فرض السيطرة الكاملة والمباشرة على امدادات النفط للغرب· ووضع سوريا وإيران تحت المجهر الأميركي لمراقبة تحركات الإرهابيين -على حد زعمها- وفرض حصار على الدولتين من خلال الوجود الأميركي في العراق وأفغانستان وهي بذلك ترسل تهديداً غير مباشر فإما الإذعان للمطالب الأميركية أو فرض عقوبات اقتصادية كحد أقصى أو تغيير أنظمة الحكم في الدولتين كحد أدنى· تكريس مبدأ الهيمنة الأميركية والسيطرة وفرض الديمقراطية الأميركية المغايرة لمفهوم الديمقراطية الحقيقي·
ولكن تبقى حقيقة يصعب على المرء إخفاؤها أو تجاهلها وهي أنه على رغم تخبط السياسة الأميركية إلا أنها لا تزال عازمة على تحقيق أهدافها في العراق، ولن ترحل حتى تؤمن نفسها وتضمن أن يكون الحاكم الجديد أو الحكومة العراقية موالية للإدارة الأميركية بشكل كامل وطوع أمرها وتكون عين أميركا التي لا تنام في المنطقة تزودها بالأخبار التي تجعلها قادرة على الحفاظ على مصالحها -على حد زعمها·
سلمى المنصوري - أبوظبي