لا طريق أمام العرب غير التحديث وإصلاح المناهج وبناء المؤسسات·· وهذا سر انتصار إسرائيل دائما على العرب التي تتبنى مناهج متطورة ولديها نظام مؤسساتي·· هذا جزء من وثيقة سرية أفرجت عنها الخارجية البريطانية أمس كتبها عام 3791 السفير البريطاني في القاهرة إيه إم كريغ يحلل فيها محاولات التغيير التي بدأها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، ومشخصا فيها الحالة العربية بشكل عام·
رغم مضي 03 عاما على هذه الوثيقة السرية إلا أنها تطرح قضية في غاية الأهمية وهي القضية التي تشغل اليوم الساحة العربية من المحيط إلى الخليج، وتشغل جميع النخب بمختلف شرائحها وانتماءاتها·
هذه القضية (التعليم والمؤسسات) تقودنا إلى تساؤل في غاية الأهمية أيضا: لماذا نحن نتخلف بينما نرى دولا أخرى ولا نريد أن نقول اليابان التي بدأت معنا مسيرتها التنموية بل كان الناتج القومي لبلد مثل مصر في ذلك الوقت عدة أضعاف الناتج القومي الياباني·· بل نشير إلى دول بدأت لتوها قبل أقل من عقدين مسيرة التغيير والتطوير وهي ما تعرف اليوم بـ (النمور الآسيوية) وفي مقدمتها ماليزيا التي دخلت اليوم عتبة العالم المتقدم·· وقد كانت كلمة السر في هذه الثورة المناهج والمعلم الجيد الذي يستوعب المناهج المتطورة ويستطيع إيصالها إلى الطلاب·
نحن في الوطن العربي·· وبعيدا عن تبديد الثروات على شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، نرضى دائما بأنصاف الحلول ولم نتطلع في يوم إلى تحقيق نسبة 09 في المئة في أعمالنا·· تواضع جم يجعلنا نقبل بأقل القليل رغم أننا نملك الكثير·· دائما مشاريعنا وتطلعاتنا تجسد الحد الأدنى دون التطلع إلى الحد الأعلى رغم أننا نملك القدرة على الإبداع·· نقبل دائما بنسبة الخمسين في المئة على حافة السقوط·· كثير من المشاريع الواعدة لم يكتمل بمجرد مواجهة أي عقبة·
إن غياب المناهج المتطورة التي تكرس التلقين وفي كثير من الأحيان الخرافة والغيبيات هو الذي أوصل المواطن العربي إلى هذه الحالة من الخواء الفكري والفراغ المعنوي وفقدان الثقة بالذات، يضاف إلى ذلك غياب النظام المؤسسي وما يعنيه ذلك من ارتجال وتبديد للطاقات· ومن المنطقي أن تخرج من هذه العباءة شرائح كبيرة من المجتمع يائسة وبائسة تؤمن بالخرافة وتحارب أي تغيير أو تطوير·
الوطن العربي في أمس الحاجة اليوم إلى ثورة في المناهج والسير في طريق التحديث والتطوير فالأمة تملك إرثاً راسخاً، والتغيير لا يخيف سوى أولئك الذين يريدون للأمة أن تبقى في عصر الظلام والخرافة وهم اليوم الذين نسمع نعيقهم يحاولون جرنا إلى مهاوي الظلام والاستبداد·