بعد عدة أيام سيطلق كل من ريتشارد بيرل -مهندس ضربة العراق وديفيد فروم - المتطرف الأميركي ومبتكر مصطلح (محور الشر) للرئيس بوش، كتابهما الجديد الذي يتضمن مخططاً شيطانياً يهدف إلى تغيير خريطة المنطقة العربية السياسية· حيث يدعون فيه إلى تغيير النظام في سوريا وإيران على غرار ما حدث في العراق، من خلال قطع النفط العراقي عن سوريا ومصادرة الأسلحة التي تشتريها دمشق من طهران إضافة إلى شن هجمات على الأراضي السورية لضرب معاقل (الإرهابيين)· فهما يريدان من الإدارة الأميركية أن تتجاهل أية فرصة لفتح قنوات اتصال ما بين طهران وواشنطن، والعمل مع المعارضة الإيرانية لإسقاط النظام الإيراني على غرار ما حدث في العراق، وفرض حصار اقتصادي على كوريا الشمالية وشن (ضربة استباقية) على منشآتها النووية، إضافة إلى معاملة كل من فرنسا والسعودية على اعتبار أنهما عدوتان وليستا حليفتين للإدارة الأميركية· وفي هذا السياق طالبا الإدارة الأميركية باتخاذ اجراءات علنية ضد ما سمياه بـ(الحلم الفرنسي لمضاهاة القوة الأميركية)، معتبرين فرنسا أكبر عائق لتقدم السياسة الأميركية في المنطقة، وبدا ذلك واضحاً من خلال قولهما (يجب علينا أن نرغم الحكومات الأوروبية على الاختيار بين باريس أو واشنطن وأن نحافظ على استقلال بريطانيا عن أوروبا برفع قيمة صادرات سلاحها إلى مستوى صادرات السلاح الأميركي!!
ما ذكر سابقاً لم يكن عبارة عن تصور لمستقبل المنطقة ما بعد الحرب على العراق أو تخميناً لما ستحمله ملفات إدارة بوش المستقبلية، وإنما كان تدويناً لاستراتيجية أو خطط إدارة بوش في فترتها الرئاسية الثانية 2004-2008· وبلا شك فقد كان النفس والفكر الصهيوني واضحين في أفكار ومعطيات الكتاب، من خلال مصطلح (الهولوكوست) الذي استخدمه الكاتبان للتدليل على ما حدث في سبتمبر 2001، إضافة إلى التقائهما ولو على الأقل فكرياً مع خطط حكومة شارون التي تستهدف المنطقة العربية وكان آخرها التهديد باجتياح سوريا وإسقاط النظام فيها، وضرب المنشآت النووية الإيرانية وخطة الفصل مع الفلسطينيين· ما طرح في هذا الكتاب من استراتيجيات شيطانية لم يكن جديد إدارة بوش إنما جاء مكملاً لما طرح سابقاً بعد أحداث سبتمبر 2001 من استراتيجية لتغيير قواعد اللعبة السياسية في المنطقة، فإلى متى سنبقي أيدينا معصوبة فوق عيوننا التي أصبحت لا ترى أصلاً؟
غسان خروب - فلسطين