من المجلات والصحف إلى اليافطات في الشوارع وصولاً إلى الفضائيات العربية بات الإعلان عن التداوي بالأعشاب، في متناول الجميع دون رقابة أو رصد أو تسجيل براءة اختراع دواء· فالصحف العربية تنشر إعلانات مدفوعة الثمن، وأخرى غير مدفوعة الثمن -على شكل تحقيقات- عن (عجائب) يمارسها العشابون، فيعددون الأمراض التي يشفونها بدءاً بالأمراض الجلدية وصولاً إلى السرطانات· وكذلك تفعل الفضائيات التي تستضيف في (صباحياتها) مداوين بالأعشاب، يتلقون اتصالات هاتفية تصف المرض، ليصفوا بدورهم الدواء وتركيبته على الهواء، دون مراعاة لأي أسس علمية أو تنبيه لأي خطر قد يحصل نتيجة خطأ قد يرتكبه المريض أو غيره· ولأن الأمور تتعلق بالأعشاب والطبيعة، ولأن المريض يعتقد أن العلاج بها أقل ضرراً وكلفة، فقد ترك الحبل على الجرار· ولكن نواقيس الخطر بدأت تدق وبعنف، فكثيرة هي الأعشاب والأدوية الطبيعية المركبة التي أدى تناولها بالبعض إلى المستشفيات وأحياناً إلى القبور·
عالمياً أعلنت وزارة الصحة الأميركية قبل أيام منع بيع وتداول عشبة (الإفيدرا سينيكا)، التي يستعمل مستخلصها في أدوية الزكام كما يستعمل في الأدوية التي تساعد على تخفيف الوزن· هذه العشبة يكثر استخدامها في الأدوية الخاصة بتخفيف الوزن وتأتي تحت اسم (ماهوانك) كذلك تأتي تحت اسم آخر هو (افيدرين) وقد اكتشفت لعشبة (الافيدرين) سلبيات كثيرة، فهي تتسبب في ارتفاع ضغط الدم وعدم اتزان في ضربات القلب، وأوجاع في الرأس، وصرع، ونوبات قلبية وتجلط في الدم··· وموت· في العواصم العربية أطنان من الأدوية الصينية والفيلبينية وغيرها، تباع من بيت إلى بيت، بعض منها لتخفيف الوزن ومنها لمعالجة ضغط الدم والسكري والربو لا تخضع لرقابة ولا لتحاليل مخبرية صحيحة· سعرها يتجاوز أسعار الأدوية العادية، ويستعملها (المجرب) متوهماً أنها إذا لم تنفع فهي لن تضر·
هنا يقع المريض في الوهم والخطأ· فهي تضر وتضر جداً خاصة تلك التي تكتب عليها التحذيرات بلغة لا يفهمها المستهلك العربي· فهل ستمنع وزارات الصحة في العالم العربي المرضى العرب من استعمال (الافيدرين)، ومتى ستشن حملات توعية وحملات رقابة، لتأطير طب الأعشاب ومشتقاته مما يسمى (الطب العربي) و(الطب النبوي) و(العلاج بالرقي)··· إلخ، ضمن نقابة أو هيئة متخصصة تشرف على ما يعرف بـ(الطب البديل)؟
في الإمارات حذرت وزاة الصحة أخيراً مرضى الربو من ادعاءات بعض العشابين بشأن وجود أدوية عشبية -(بلسم الجبال)- تشفي نهائياً من الربو، وطالبت مرضى الربو بتناول الأدوية المسجلة لدى وزارة الصحة والتي تقوم بتخفيف حدة نوبات الربو·
إن المداواة بالأعشاب ومشتقاتها تلقى رواجاً واسعاً في أوروبا، وتباع هذه الأدوية الطبيعية في الصيدليات، ومنها مركبات عشبية ذاع صيتها على مر السنين، وبات الأطباء يصفونها كبديل للأدوية الكيمائية المركبة مثل (الايفيننج بريم روز أويل)، الذي يصفه الأطباء للتخفيف من حدة التهاب المفاصل، ونشاف الشرايين والعديد من الأمراض النسائية· كما توصف (الاكينيشيا) في الشتاء، لزيادة المناعة في الجسم، وللعلاج من نزلات البرد· ومن نفس الزهرة التي يستخرج منها عقار (الاكينيشيا) الطبيعي يتم تحضير مرهم يباع في الصيدليات (ARNICA) يستخدم في علاج الكدمات، والنزيف الداخلي·
هذه الأدوية وغيرها الكثير تساهم في تحسين صحة الإنسان وتساعد على العودة إلى الطبيعة ولكن بشكل علمي ومدروس، مؤطر ومنظم حذفت منه السلبيات، لتتم الاستفادة من الإيجابيات·
لابد أن يصبح في العالم العربي مهد الطب وسلة الأعشاب والزهور الطبيعية إلى العالم هيئة ولجنة رقابة تمتحن (العشابين) وتفرز العارف من الدجال، وتضع لائحة بأسماء ذوي العلم والمعرفة لنستنير ونصِحّ·