تحديات 2004: البطالة أولاً وأخيراً... وإصلاح الأمم المتحدة


مجلات وصحف باريس الصادرة هذا الأسبوع طغت عليها التغطيات التجميعية لأحداث العام المنقضي، سواء على المستوى الداخلي الفرنسي أم الدولي، وفي المساحة أدناه نجمع بعض القصاصات، حول تنامي البطالة في فرنسا، ومستقبل العلاقة بين أميركا وإيران، وما يتمنى كاتب فرنسي كبير-نموذجا- تحققه في عام 2004·


الهدية المسمومة


تحت هذا العنوان جاء عنوان افتتاحية صحيفة (لومانيتيه) ليوم أول من أمس، التي خصصتها لخطاب الرئيس شيراك بمناسبة العام الجديد الذي أعلن فيه، أن 2004  ستكون (سنة للتوظيف)، في محاولة لتهدئة قلق الشارع الفرنسي الذي تصدرت مسألة البطالة القضايا التي تؤرقه. وترى الصحيفة أن كلام رئيس الجمهورية جاء توجيها -واعترافا أيضا- بأن على حكومة جان بيير رافارين أن تبذل المزيد من الجهد لإخراج البلاد من الوضع الاقتصادي الحرج الذي أوصلتها إليه. غير أن ما فات شيراك -تقول الصحيفة- هو أن الفرنسيين ملوا مثل هذه التمنيات، ولم يعودوا مشغولين سوى بترقب الكارثة القادمة التي يخبئها رافارين وحكومته لهم· أما حديث شيراك عن (الوضع الذي يعد بالتحسن) و(الأفق الذي يبدو الضوء في آخره)، فقد مرّ على الأرجح حول آذان الفرنسيين -وهم يرون الـ180 ألفا من العاطلين يتسكعون في الشوارع- كما تمرّ قطرات المطر على ريش البط. وتتساءل الصحيفة: (إن من يرى رئيس الجمهورية وهو يعدد إنجازاته عن العام المنصرم ووعوده المستقبلية، لا يستطيع مقاومة إغراء التساؤل بإلحاح: إلى من يتحدث هذا الرجل؟ هل يوجه خطابه إلى الفرنسيين ؟ إلى أجراء الوظيفة العمومية مثلا؟ أم أن الرجل ببساطة متناهية يخاطب قادة حزبه، ليؤكد لهم مرة أخرى أنه مازال على الدرب سائرا، ولم يتزحزح بعد عما تمليه عليه مفاتيح خريطة طريقه الخاص؟). وتقترح الافتتاحية على شيراك تعديل طريقته: (لقد قال إنه سيعرض على البرلمان (قانونا مهما لتحريك سوق العمل)، حسنا سنقترح نحن عليه أن يقلب هذه المعادلة، لماذا لا يكون تمرير قانون مهم لاحقا على أولوية إيجاد حراك وتحسن في سوق العمل الآن وليس غدا؟)·
أما جريدة (لوموند) فقد نشرت (مانشيت) رئيسي جاء تحت عنوان: (2003 ، سنة سوداء للتشغيل في القطاع الصناعي في فرنسا)، والعنوان ينطق بكل شيء مما تحته تماما.


تحولات فرنسا الخمسة


جان فرانسوا كوبيه - كاتب الدولة للعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية- شن حملة مضادة، عكسها مقال نشره -كما يمكن أن نتوقع في صحيفة (لوفيغارو) اليمينية- وتحدث عما سماه إنجازات حكومة رافارين في عشرين شهرا فقط! وهي إنجازات يمنع صحافة اليسار الفرنسي من رؤيتها مزاج كئيب وتشاؤمية معشّشة -وأحيانا مذهبية- في صفوف ذلك اليسار. وإلا فهل ينكر أحد (أن الدولة خصصت ملياري يورو لدعم الفئات الأكثر هشاشة، وخلقت 125 عقدا لشبان خلال عام 2003 وحده)؟ ويمضي كوبيه معددا على رؤوس الأصابع ما اعتبره خمسة تحولات عرفتها فرنسا خلال الفصول الثلاثة الأخيرة من العام المنقضي، وهي: ترسخ إرادة الإصلاح، وعودة السلطة الجمهورية (قضية الحجاب)، واستراتيجية النمو المناسب اقتصاديا، ثم استعادة التوافق الاجتماعي، و عودة قيم التضامن والأخوة (دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، والمسنين). أما من يستطيبون الحديث عن فرنسا مشرفة على السقوط -يقول كوبيه- فهم، عمليا أشخاص يحرفون الوقائع، أو ينظرون إليها نظرة انتقائية، لا طائل من ورائها.


تمنيات 2004


الكاتب برنار هنري ليفي كتب في مجلة (لوبوان) مقالا ضمنه جملة من التمنيات التي يأمل تحققها في العام الجديد، وقد بدأ مقاله بأولى الأمنيات :(كم أتمنى على الشعب الأميركي، الذي لم يغفر لكلينتون أنه كذب عليه، ذات يوم، ولا لنيكسون تجاسره على الضغط على شريط تسجيل (للتنصت على منافسيه)، أن يعاقب في نوفمبر المقبل، هذا الـ(بوش) الذي افترى، هو أيضا، في غمرة مزاعمه عن أسلحة الدمار الشامل في العراق). ولا تتوقف أماني ليفي عند هذا الحد:(أتمنى ... أن يؤدي القبض على صدام حسين إلى فتح طريق حقيقي إلى واقع جيوبوليتيكي جديد كذلك الذي يعدنا به أنصار الحرب؛ أن يكون القذافي جادا حين يقول إنه نبذ طموحاته العسكرية، وأن يكون آيات الله الإيرانيون يعنون ما يقولون، حين يتقربون من واشنطن، والسوريون ذوي مصداقية عندما يطلقون الإشارات الأولى لحوار ممكن مع إسرائيل). ويتمنى الكاتب أيضا أن تكون سنة 2004 هي سنة إصلاح الأمم المتحدة، وأن يفوز كل من ياسر عبد ربه ويوسي بيلين بجائزة نوبل للسلام، وكذلك أن ينال أولياء الأمور الذين كانوا يأخذون بأيدي أطفالهم إلى مداخل مزرعة مايكل جاكسون ويتركونهم هناك، لجعله يغني بشكل أفضل، أن ينالوا جزاءهم