عقدت في الكويت الأسبوع الماضي القمة الخليجية الرابعة والعشرون، وكانت لهذه القمة أهمية تاريخية خاصة· فهي القمة الأولى التي تعقد بعد الإطاحة بنظام صدام، وهو الأمر الذي كان عقدة في كل اجتماعات القمة منذ غزو صدام للكويت عام 1990· وهي قمة تعقد لمنظمة إقليمية عربية، بقيت صامدة بعد تلاشي الآخرين· ورأى بعض المراقبين في انعقادها نجاحا بحد ذاته بعد أن تراجع العمل العربي المشترك، فقد أصبح مجلس التعاون العربي الذي ضم العراق ومصر والأردن واليمن أثرا بعد عين، وكانت مصادفة غريبة أن يرجئ الإتحاد المغاربي الذي يضم ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا قمته إلى أجل غير مسمى في اليوم الذي اختتمت فيه القمة الخليجية اجتماعاتها.
هذه هي القمة الخليجية الثالثة التي تعقد بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الرهيبة، والتي يفترض أنها ناقوس خطر مدو ليس للعالم على وجه العموم، ولكن لدول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص، أي أن هذه القمة قد عقدت بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على هجمات سبتمبر الإرهابية، وهي مدة كافية لاستيعاب الدروس والاستماع إلى رنين الناقوس.
جاء البيان الختامي للقمة عاديا، وكان عموميا في لغته، مكرراً قرارات كان قد تم اتخاذها، وأكد على مسائل كانت مؤكدة في القمم السابقة. كانت غالبية البيان الختامي تدور حول التعاون الخليجي، وضرورة العمل على التكامل الاقتصادي، وتوحيد التعرفة الجمركية والعملة الخليجية، والمتتبع لتدني حجم التجارة البينية يدرك أن توحيد العملة سيكون ذا أثر نفسي وسياسي أكثر من آثاره الاقتصادية.
كما أشار البيان الختامي للقمة إلى المناهج التعليمية وتطويرها دون تفصيل أو التصريح بخطوط عامه حول الفلسفة الجديدة لتعديل المناهج وتوحيدها، وكان هناك اختلاف في وجهات النظر حول كيفية تطوير المناهج دون الاستعانة بالخبرات الأجنبية، فتحفظ البعض مؤكدا على ضرورة التطوير الذاتي، ونادى البعض بالاستعانة بالخبرة المتقدمة في مجال العلوم والتكنولوجيا، شارحا أنه لو كان بالإمكان التطوير الذاتي لتم دونما مساعدة خارجية، لكن وضعنا الحالي يعكس تخلف مناهجنا ومن ثم فلا بد من الاستعانة بمن هم أكثر خبرة وتطورا منا.
على صعيد المرأة، صدر تصريح إنشائي عام، لا يرقى إلى الطموحات التي نادت وتنادي بها النخب الخليجية· وعلى صعيد التطور السياسي، كانت لغة العموميات هي السائدة· أما على صعيد الإرهاب، فقد كانت هناك لغة واحدة مشتركة، وإن كانت مكررة، حول ضرورة التصدي لهذه الظاهرة المدمرة، دون الخوض في تفاصيل تجفيف منابع ثقافة الإرهاب المنتشرة في منطقة الخليج.
وأشار البيان إلى ضرورة التعاون مع كل من اليمن والعراق، دون التطرق إلى عضويتهما في المجلس، الأمر الذي فسره المراقبون على أنه تفريق بين التعاون وبين العضوية.
وأكد البيان على أن الأجندة الخليجية موحدة بالنسبة للوضع في العراق، وبأن جيران العراق الخليجيين هم الوحيدون -ربما بين كافة جيرانه- الذين يعرفون ما يريدون من عراق المستقبل.
القمة الخليجية الرابعة والعشرون عادية بمقاييس الطموح، وناجحة بمقاييس الواقعية.