ما الذي جرى للناس منذ إلقاء القبض على صدام؟ الكل يصيح ويلعن ويكذب· أحسست أنني في ملعب أشاهد مباراة لكرة القدم واستمع إلى المعلق وإذا به يصف أشياء لا تحدث على الإطلاق· لقد صار صدام بين يوم وليلة بطل الأبطال وصار العتاب كل العتاب واللوم إلى القوات الأميركية التي ألقت القبض عليه وأصبح كقصيدة (قارئة الفنجان) لا أحد بالضبط يعرف إلى من يتحدث الشاعر· وهكذا أخذ النقاد ينتقدون الطريقة التي قبض بها على صدام، وطريقة الكشف الطبي الذي أجري عليه، وطريقة حلاقة لحيته· وهناك من قال إن الجامعة العربية هي التي كان منوطاً بها أن تقف أمام صدام وإنها هي التي تلاحقه وتلقي القبض عليه وتحاكمه· وهناك من قال إن الشعب العراقي راضٍ كل الرضا عن صدام·
ثم القول إن صدام إنسان ويجب أن يعامل معاملة كريمة! نعم لا يجب معاملة الطاغية بطغيان وإلا فقد صرنا مثله، لكن ألا ترون معي إذا كانت قد حدثت بعض الأخطاء وأن القبض عليه أو في عرضه على التلفزيون وهو ذليل مكسور فهي بلا شك مثل المريض بالسرطان والذي يعطيه الطبيب دواء ليعالج السرطان ولكنه يسبب بعض الأعراض الجانبية البسيطة مثل (القيء) ولكن من كان يعالج الأنفلونزا تاركاً آثاراً جانبية تسبب السرطان فهو مجرم·
وأغرب ما سمعت أن استسلام صدام هو انهيار للكرامة العربية! فبماذا نسمي غزو العراق للكويت! وماذا نسمي قتل الآلاف من الشعب العراقي ودفنهم في مقابر جماعية؟ وماذا نسمي إفلاس أكبر دولة منتجة للبترول؟ وماذا نسمي الذي تسبب في مجيء القوات الأجنبية إلى المنطقة؟ أليس هذا انهياراً للكرامة العربية إذا كان قد تبقى منها شيء!!
د. مراد راغب حنا - أبوظبي