أعتقد أنني لم أتوقع أن أرى يوماً رئيساً عربياً بذات الحالة التي رأيت فيها صدام حسين قبل أيام. ذلك أننا اعتدنا أن نرى الطاغية يزداد في طغيانه إلى أن يأمر الله بقبض روحه ويخلصنا منه. وعندما نسمع اليوم أناساً ينادون بالرحمة والمغفرة لهذا الطاغية الذي ظلم شعبه وشرد الكثيرين من العلماء والمثقفين العراقيين أستغرب كيف يناقض المواطن العربي نفسه بالمناداة بهكذا أمر، وهو الذي يتمنى في كل لحظة أن يزول الظلم عنه وأن يعيش حياة كريمة!!
إنه أمر عجيب أن يصل بنا الحال إلى عدم التمييز بين من هو ظالم وبين من هو قومي وعربي مخلص لأفكار الوحدة العربية والحياة الكريمة للشعب العربي. فمن ينبري اليوم للدفاع عن صدام حسين تأخذه العاطفة وتغلب عقله ومنطقه. فكيف لنا أن نطالب بالرحمة لمن لم يرحمنا؟ وكيف لنا أن ننكر التاريخ الذي سجل جرائم صدام البشعة لأكثر من ثلاثين عاما بينها عشرون عاما كرئيس للعراق الذي ارتاح منه مؤخراً. فصدام حسين حكم العراق بأقسى وسائل القمع، وتعنت في مواقف كثيرة كانت تحتاج إلى المرونة مع العالم كي يعيش الشعب العراقي بسلام، مما وضع العراق في مهب الريح.
كم هو قاس أن يقف مواطن عربي ضد مصلحة الشعب العراقي بدلاً من أن يفرح له في يوم بهيج مثل هذا اليوم!..
( بطل قومي عربي ناضل في سبيل حرية العراق والأمة العربية )..هكذا يقولون في بعض الدول العربية، وحتى بعض المناطق في العراق، عن (صدام). وكأن العيون عميت من شدة التناقض الذي يعيشه العربي الآن، ولم يعد أمام الفرد منا إلا أن يؤمن بأن التغيير الجذري والحقيقي لا يمكن أن يخرج إلى النور إلا في ظل هذه الغوغائية والتناقض التي أعقبت أسر الطاغية صدام حسين.
صالح الجبوري - دبي