عقدت كلية التربية في جامعة الإمارات مؤتمراً يعد من أهم المؤتمرات التي تنظم في المنطقة منذ فترة·إنه مؤتمر إعداد المعلم للألفية الثالثة ، وقد افتتح المؤتمر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي و الرئيس الأعلى للجامعة· ومن أهم ما ورد في كلمة الافتتاح ، مقولة المعلم المبدع هو الذي نريد فمتطلبات سوق العمل وهي المدرسة اختلفت لأن تحديات التعليم في الدول تغيرت· تذكرت وأنا طفل صغير المعلم العربي الذي كان يعلمنا · كان يمثل لنا الجديد في كل شيء ، فهو قادم من دول متقدمة علينا ومر برحلات وتجارب كثيرة في حياته أراد أن يعلمنا إياها ، فتعلمنا في المدرسة على يديه الشيء الكثير ، باختصار شديد كان المعلم يمثل لنا حياة جديدة · ومرت الأيام وفاقت الإمارات في نهضتها كل التوقعات، وها هي تكسر حاجز العالم العربي لتعد من دول العالم المتقدمة إذا ما قيست بواقع العرب اليوم، ولكن المعلم بقي كما هو· ولو استثنينا بعض الجهود الفردية ، لوجدنا أن المدرسة تحولت إلى سجن يحبس فيه الطالب 12 سنة قبل أن يفرج عنه ليتجه للتعليم العالي الذي يقول له : سأعلمك من جديد كيف تتعلم· فما الحل ؟
اتجهت الأنظار إلى دبي حيث عقد المؤتمر الذي شارك فيه العديد من التربويين العالميين والعرب والمحليين فكان اجتماعا حاسما · من أبرز الوجوه العالمية المشاركة كان الدكتور ديفيد ايميج وهو الرئيس والمدير التنفيذي للجمعية الأميركية لكليات التربية ، ويشغل منصبا عاليا في الشبكة الوطنية الأميركية للتجديد التربوي· ومن المشاركين كذلك الدكتورة مارجوري لن وهي المدير التنفيذي لمركز ضمان الجودة في التعليم العالي·عندما بدأنا العمل في كلية التربية في جامعة الإمارات للحصول على الاعتماد العالمي لطرائق إعداد المعلمين في الدولة كنت يومها وكيلا لكلية التربية في الجامعة سنة 1997 وبحكم المنصب كلفت بترؤس اللجنة التوجيهية للإعداد لذلك المشوار · لم أكن أدرك حقيقة التغيير المطلوب في برنامج إعداد المعلمين في الجامعة حتى اكتملت الخطة وبدأنا بعد سنوات ندرس بالمستويات العالمية لاعداد المعلمين ، لقد كان التحول جذريا ، بدأت الكلية برسم رؤية لها ولما لم تكن لنا رؤية أصبحت لنا رسالة مشتقة من الرؤية، وكنا قبل ذلك نمضي كما كان من قبلنا يمضي· تحولت الرسالة إلى برامج و أهداف واضحة ومعايير دقيقة ، وتطورت بناء على ذلك طرق التدريس في الكلية ، فقد كنا من قبل ندرس نظريات لا يطبقها حتى من يقوم بتدريسها ، فكنا مثلا نحث المعلم على التفاعل مع المتعلمين بينما كنا ندرس بأسلوب المحاضرة ، ونشجعهم على استخدام التقنية المتطورة ونحن نلتزم بالسبورة ، وندرب التلاميذ على وسائل التقويم الحديثة بينما امتحاناتنا الخاصة كانت تقيس الذاكرة· هكذا قفز برنامج إعداد المعلمين في الجامعة خطوات نحو الأمام ·
كان ذلك تجاوبا مني مع أحد عمداء التربية من دول الخليج عندما سألني هل أنتم تقومون بذلك لأجل التظاهر باعتماد المستوى العالمي أم أن للمعايير العالمية آثارا واضحة على الحياة الفعلية لاعداد المعلمين في الدولة ؟·
ومما لفت انتباهي في المؤتمر الرعاة الرئيسيون له فقد تعودنا أن يكون الرعاة عادة من الشركات الوطنية خارج نطاق التربية و التعليم· لكن الدعم السخي للمؤتمر جاء هذه المرة مبشرا بخير، فكان لجائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز السبق في الرعاية لأنها أكثر بكثير من مجرد جائزة يكرم فيها أهل التربية· فهي جاءت لتطوير الواقع التربوي، أما الراعي الثاني فهو مدرسة الإمارات الوطنية، وهي مدرسة خاصة أرادت أن تكسر حاجز الربحية الذي تتهم به العديد من المدارس الخاصة ليكون لها تلك المشاركة الوطنية ·
وأخيرا هل ستحصل كلية التربية على الاعتماد العالمي؟ الجواب يكمن مع تخرج أول دفعة من البرنامج المطور و التزامها بالتدريس لأن المعايير العالمية ليست نظرية بل هي تقيس حقيقة الأداء في الصف ·